وقال رئيس التحرير من أقصى طرف القاعة، حيث لا أمل له في الوصول إلى الطعام، ما لم تبادر ربة البيت إلى نجدته: «هأنذا!»
قالت: «أولا تأتي إلى هنا؟»
وقالت مسز بت بصوت رقيق للغاية: «أوه، أرجوك، لا تحفلي به، إنك تتعبين نفسك كثيرا دون ضرورة يا مسز هنتر، ألا تستطيع يا عزيزتي أن تؤدي لنفسك حقها، وأنت في موضعك ذاك؟»
وأجاب بت المسكين، وهو يكشر نابه عن ابتسامة مصطنعة: «بلا شك يا عزيزتي!»
واأسفا لذلك السوط الذي في يده ...! إن الذراع العصيبة التي تستخدمه بتلك القوة الضخمة في المسائل العامة، قد استحالت شلاء من نظرة زوجته الآمرة المتحكمة.
وأرسلت مسز ليو هنتر عينها فيما حولها، وألقت نظرة فوز وانتصار، فقد رأت الكونت سمورلتورك منهمكا كل الانهماك في تدوين ملاحظاته عن ألوان الصحاف والمآكل، بينما مضى المستر طبمن يوزع «السلاط» المصنوع من جراد البحر على عدة «لبؤات» كبار بأدب جم، لم يشهد مثله من قاطع طريق في يوم من الأيام، وراح المستر سنودجراس يعرض على الشاب الذي كان يتولى نقد الكتب في «الغازت إيتنزول»، ويقبل على محادثة السيدة الشابة التي تشرف على قسم الشعر فيها، وكان المستر بكوك يحاول جاهدا التلطف للجميع، وبدا كل شيء بديعا، والحلقة لا ينقصها أحد، وإذا بالمستر ليو هنتر، الذي كان كل عمله في هذه المناسبات الوقوف بالأبواب، والتحدث إلى المدعوين الذين هم أقل شأنا من أولئك المحيطين بزوجته، ينادي فجأة قائلا: «يا عزيزتي، هنا المستر شارل فيتز-مارشال.»
وصاحت مسز ليو هنتر: «أواه يا عزيزي، لكم كنت في قلق وارتقاب شديد لحضوره، أرجو أن تفسحوا طريقا لكي يمر المستر فتز-مارشال، ألا أنبئ يا عزيزي المستر فتز-مارشال أن يأتي رأسا إلي لكي أؤنبه على تأخيره.»
وصاح صوت قائلا: «أنا آت يا سيدتي العزيزة بأسرع ما استطعت، زحام شديد، القاعة غاصة، مهمة شاقة جدا.»
ولم يكد المستر بكوك يسمع هذا الصوت حتى سقطت السكين والشوكة من يده، وأرسل نظرة من وراء المائدة إلى المستر طبمن، وكان هذا أيضا قد سقطت السكين والشوكة من كفه، وبدا كأنما يوشك أن يسقط على الأرض بلا سابق إنذار.
وصاح ذلك الصوت، بينما كان صاحبه يشق طريقه بين الخمسة والعشرين الأخيرين من المتنكرين في أزياء «الأتراك»، والضباط، والفرسان، وشارل الثاني، وهم الذين لا يزالون حائلا بينه وبين الوصول إلى المائدة: «يا لله! صقل بديع من طراز بيكر لم يدع ولا ثنية واحدة في سترتي بعد كل هذا الحشر، ليتني جئت بكل ثيابي الثمينة لكي تصقل هنا، ها ها فكرة حسنة هذه أن تصقل الثياب هكذا، وهي على جسم لابسها، وإن كانت عملية متعبة جدا.»
Unknown page