وأجاب المستر بكوك بغضب: «أنا لم أدونها.»
وعاد الحوذي يقول مخاطبا النظارة المزدحمين حولهم: «هل يصدق أحد أن «مخبرا» ينتقل في مركبة إنسان، فلا يدون رقمه فقط، بل كل كلمة يقولها كذلك؟» وهنا لاحت فكرة بخاطر المستر بكوك ... فقد أدرك أن الحوذي يقصد «المفكرة».
وانثنى حوذي آخر يسأل: «هل فعل ذلك حقا؟»
فأجابه الأول قائلا: «أي والله لقد فعله، وبعد أن تحرش بي هكذا لمهاجمتي، جاء بثلاثة شهود هنا للإثبات، ولكني سأعطيها له ولو أخذت فيها ستة أشهر ... هيا ... أقبل علي ...» وألقى الرجل قبعته على الأرض بلا اكتراث لمتاعه، وأطار المنظار عن عيني المستر بكوك، وأتبع ذلك الهجوم بضربة على أنفه، وأخرى في صدره، وثالثة في عين المستر سنودجراس، ورابعة على سبيل التنويع في بطن المستر طبمن، وانثنى عنهم ليرقص في وسط الطريق، ثم يعود كرة أخرى إلى الإفريز، وأخيرا يخرج كل ما في صدر المستر ونكل من الهواء ... كل ذلك فعله في ست ثوان.
وصاح المستر سنودجراس قائلا: «يا شرطي!»
واقترح بائع فطير ساخن على الحوذي قائلا: «ضعهم تحت المضخة.»
ولهث المستر بكوك قائلا: «ستلقى على ما فعلت عقابا.»
وصاح النظارة المتألبون عليهم: «مخبرون!»
وارتفع صوت الحوذي قائلا وهو يلف ويدور بغير انقطاع: «هيا ... ادنوا مني ...»
وكان الغوغاء قد لبثوا إلى تلك اللحظة يشاهدون هذا المشهد، غير مشتركين فيه، ولكن ما كادت كلمة «مخبرين» تنتشر بينهم، حتى بدءوا يؤيدون بحماسة بالغة تنفيذ اقتراح بائع الفطير، ولا يعلم إلا الله مدى العدوان الذي كان من الجائز أن يرتكبوه لولا أن انتهت المعركة على غير انتظار بتدخل قادم جديد.
Unknown page