Mudhakkirat Carabaji

Sulayman Najib d. 1374 AH
47

Mudhakkirat Carabaji

مذكرات عربجي

Genres

نحن نرضى بقليله، أما هناك فمع السرعة الهائلة التي تجعل الوقت يمر بغير معنى «عداد» لضبط الحساب على معدل الثلثماية متر بقرش صاغ، هذا فضلا عن غطرسة السائق الذي ينظر إليك كما ينظر إلى نفسه، وأخيرا وهي النقطة المهمة في الموضوع أيها الحبيبة قرب مكان السائق حيث لا يتيسر الحديث إلا بصعوبة، فضلا عن ال ...

وعلى هذا إذا غلط أحدكم، وركب عربة فليضع بين أصابعه قليلا من عصير «الرحمة» لتحنو على العربجي المسكين، الممثل لأغلبية الشعب المصري الساحقة وهم الفقراء، الحنو والبر والإنسانية من صفات الكرام، كونوا آدميين قبل كل شيء.

أما زملائي العربجية، رفايق الهنا و«التقصيع» وضرب الزفف، وإخوان المحاضر والتهم والمحاكم، فأحييكم بكل احترام، كما يحيي الموظف إخوان مكتبه بعد سن الستين، سن المعاش.

أرجوهم قبل كل شيء أن يتعففوا مع ما يقاسونه من ألم ومصائب، كما أتألم وأتضايق حينما أسمع أحدهم يرى زبونا مارا ويقول له: «آجي يا بيه؟» آجي «ولا لأ؟» «آجي أوصلك؟» ثم لا يجد ردا على جوابه حتى ولا قولة: «ما نستغناش يا أسطى.»

لكل إنسان كرامة يحافظ عليها، فلم لا يكون لنا نحن أيضا كرامة ندافع عنها ولا نمتهنها، دعوا الزبائن يتمتعون بحريتهم، إن أرادوا الركوب معكم فعلى الرحب والسعة، وإلا فكل على هواه.

لماذا لا تتعاونون جميعا على إحياء هذه الصنعة التي تكاد تموت بإهمالكم، وأمام هذا السيل الجارف من ماركات «الفيات والرولس رويس والرينو»؟ أتعرفون الطريق إلى ذلك؟

نظفوا عرباتكم، وأطعموا خيولكم «وكلوهم شعير مش كرابيج» أما مع الزبائن فصهينوا في الوقت اللازم، وتشددوا حينما تستدعي الحالة ذلك، لا تدعوا صغيرة ولا كبيرة تمر دون أن تعرفوها، فإن صنعتنا تطلب أكثر من ذلك «القاهرة حلة، وأنتم مغرفتها» لا يجب أبدا أن يكون جواب واحد منا لزبون «معرفش» نحن كتالوج البلد المتحرك العارف بأسماء شوارعها وحواريها، قهاويها، ومطاعمها، مطابعها، وإدارات صحفها، وبيوت الوجهاء خصوصا يا زملائي، إن الأجرة يمكن أخذها مضاعفة إذا أخذت الباشا مثلا أو سعادة البيه من النيوبار إلى منزله بدون أن يدلك هو على مقره، وقتئذ يصح «البلف» والأونطة، وتخرج من المعركة فائزا منتصرا.

إلى هنا يقف القلم متعبا، فالجرح لا يزال جديدا يضايقني.

سلام عليكم زبائني وزبوناتي الناهضات، من مخلص لكم ولصنعته، يذكر أيامكم ولياليكم بكل طيب وخير، أنا في المعاش ولله الحمد، مركزي معروف، هو القهوة الموجودة بميدان للست الباتعة أمام القسم، من أراد منكم سعة في الحديث، ومعلومات لا يصح ذكرها في مذكرات كهذه، ستتداولها أيدي سيدات وآنسات، فليشرفني بشرب فنجال قهوة «بيشة» على حسابي، وحينئذ يحلو الحديث، أبقاكم الله متمتعين جميعا بالصحة والرفاهية «وروقان البال» وهو الأهم، بل هو ما يتمتع به الآن محسوبكم.

حنفي أبو محمود

Unknown page