قلت إن الجمهور تهافت على مسرحنا، وارتفع رقم الدخل ارتفاعا غير منتظر. ولكن لم تمض مدة طويلة حتى شعرت السيدة منيرة أنها هي وحدها المقصودة بهذا الإقبال، وأن اسمها هو الذي يجذب الناس إلى ارتياد التياترو، وأنه من الغبن لها أن نشاركها في الإيراد نصفا بنصف.
ومن ثم صممت على فصم الارتباط. وأنتم من هنا يا أولاد الناس وأنا من هنا، ولقد صح تقدير «الست» ... فما كادت «تسلت» يدها من الفرقة، حتى انسحب على أقدامها الخير الذي عمنا ردحا من الزمن. وعدنا إلى «غلب الزمان». دخل النحس علينا بعد أن فارقتنا وما خلنا أنه نسينا وعرف مضيفين غيرنا. ولكن لا، ما يمكنش نهرب منه. ولو كنا في بروج مشيدة!
وبعد مدة قضيناها. في تلطيش من اللي قلبك يحبه، جاء من يقترح علينا اقتراحا جديدا. كان إخوان عكاشة يعملون على مسرح دار التمثيل العربي، وكان حالهم كحالنا. يعني كنا في الهوا سوا. بس إحنا أميز منهم شوية. لأنهم كانوا ... الله لا يوري عدو ولا حبيب.
والاقتراح هو أن نعقد اتفاقا مع «العكاكشة» على العمل في مسرحهم. مع بقاء الفرقتين مستقلتين الواحدة منهما عن الأخرى، بمعنى أن كلا منهما تمثل ليلة. والإيراد المتجمع يقسم مناصفة بين الفرقتين.
وعقد الاتفاق بالفعل، وانتقلنا من الشانزلزيه إلى دار التمثيل العربي بشارع الباب البحري لحديقة الأزبكية. وكانت نتيجة هذا الاتفاق على رأي المثل، كالمستجير من الرمضاء بالنار!
بارزت عزيز عيد
ويحضرني بهذه المناسبة حادث وقع في الليلة الأولى من عملنا بدار التمثيل العربي لا بأس من ذكره.
كثيرا ما كانت الغيرة على مصلحة العمل تدعو السيدة روز اليوسف إلى الوقوف موقف العناد التام مع الأستاذ عزيز، وكم لهما من مناقشات انقلبت إلى مشاحنات فمصادمات ... إلخ.
ففي الليلة الأولى وقع ما أدى إلى إصرار الاثنين على عدم الظهور على المسرح مطلقا. وكان عليهما رفع الستار فلما حان الموعد ورأيت حرج الموقف. حملت عزيزا بين يدي وقذفت به إلى خشبة المسرح بعد أن رفع الستار، فوجد نفسه أمام الجمهور واضطر إلى التمثيل. ودخلت السيدة روز اليوسف واندمجت في دورها وكأن شيئا لم يحدث على الإطلاق.
وانتهت الليلة على خير. وظننت أن كل شيء قد انتهى، ولو من ناحيتي أنا. ولكن الغريب أن الأستاذ عزيز تقدم إلي في حركة عصبية غريبة، وطلب مني أن أدخل معه في «دويللو». يا دي الداهية يا أولاد ... «دويللو» كده حتة واحدة!
Unknown page