عيد المصرية
وخلال هذه الفترة ... وبالتحديد في يوم 24 ديسمبر 1928، احتفلنا بالذكرى الثالثة لصدور مجلة المصرية «الاجبسيين»، وهي مجلة كنت أصدرها باللغة الفرنسية للتعريف بأحوال المرأة المصرية وتطوراتها ... وقد أقيم هذا الاحتفال في منزلي، وشاركت فيه شخصيات عامة من الرجال والنساء، تقديرا لدور هذه المجلة.
وقد كتبت جريدة المقطم بهذه المناسبة تقول: «اليوم تستقبل مجلة «المصرية» الذكرى الثالثة لظهورها، وإننا لسعداء بأن نحييها عند بزوغ فجر هذا اليوم سائلين لها عمرا طويلا وجولات صالحة في ميدان الخير العام.
إن مجلة «المصرية» هي مجلة نسوية تنادي بما يخالف مبادئنا وخطتنا في تربية المرأة وفي تحديد حقوق المرأة وبيان مهمتها، وفي القرن العشرين، عهد توزيع الأعمال والتخصص في فروع كل مهنة، تقول بمزاحمة الجنس اللطيف للجنس الخشن، ولكنها مع ذلك سدت من ناحية أعمال البر بالإنسانية وإغاثة الملهوفين وتشجيع الصنائع المصرية وبخاصة القديمة منها.
على أن الخلاف في الرأي لا بد منه في أمة تريد النهوض ... بل هو بمثابة عنصر في الدواء العام لمختلف الأمراض».
الفصل الحادي والأربعون
كنت حريصة على متابعة كل مظاهر النهضة النسوية وبخاصة في مجال التعليم، وكان يقيني أن التطور لا بد أن يتحقق مع تعليم الفتاة وتفتحها على الحياة والثقافة العصرية، وكان إيماني أن كل نافذة جديدة للعلم هي بمثابة انتصار جديد لقضية المرأة، ولقد كان تعليم الفتيات مقصورا في البداية على تخريج معلمات، أما في المجالات الأخرى فقد كان مقصورا على مراحل أولية أو متوسطة، ومن ذلك اشتغال الفتيات بالطب كان محصورا في مجال تلقي المبادئ الأولية الكافية لتخرج «قابلات»، ثم عرفت الفتيات بعد ذلك فن التمريض.
ولكن إنشاء الجامعة المصرية فتح الباب أمام الفتيات لتلقي العلوم العالية كما يتلقاها الفتيان، وحدث في أول العام الدراسي 28 / 1929 أن تقدمت ست فتيات ممن أتممن دراستهن الثانوية يطلبن الالتحاق بقسم التحضيري لكلية الطب بالجامعة وقد ترددت إدارة الجامعة أول الأمر في قبولهن، ولكنها لم تجد في القانون ما يساعدها في رفض طلبهن، وكان أن تحقق لهن ما أردن. وهؤلاء الفتيات الست هن: سعادات راشد، وحكمت البدري، وفاطمة فهمي، وعايدة أنطون، ونفيسة أحمد.
ولما كنت قد أزمعت السفر إلى مؤتمر برلين على رأس وفد الاتحاد النسائي، فقد رأيت أن أزور طالبات الطب بالجامعة قبل سفري حتى أقف بنفسي على سير تعليمهن ومبلغ نجاحهن ، وبذلك يمكنني أن أتحدث عن تقدم المرأة المصرية من موقع المعرفة والمتابعة، وهذا هو رأيي دائما: أن أتحدث عن معلومات معروفة بالنسبة لي تمام المعرفة، وأن أكون ملمة بكافة جوانبها ومستعدة للمناقشة فيها.
وقد تمت هذه الزيارة بالفعل في الساعة الحادية عشرة من صبيحة يوم 2 أبريل 1929، وقد أثنى جميع الأساتذة على سير الفتيات في علومهن، وقالوا: إنهن يتميزن على الفتيان بعدة أمور منها إتقانهن اللغة، وجلدهن على العمل، وتخصيص أغلب أوقاتهن للدرس. أما عن الوجهة الأخلاقية فكان الثناء على الفتيات مقرونا بالإعجاب التام.
Unknown page