188

Mudhakkirat

مذكرات هدى شعراوي

Genres

الفصل الأربعون

كانت دعوتنا إلى إصلاح الأحوال الاجتماعية المتعلقة بالمرأة موضع مناقشة وجدل على صفحات الجرائد، وكان من الطبيعي أن تختلف الآراء بين مؤيد ومعارض، وكانت جريدة «التاج المصري» من بين الآراء المعارضة، ولكن حدث أن تصدى أديب كبير لوجهة نظرها بالنقد، فكتبت الصحيفة ردا عليه تحت عنوان «كلمة في رأي السيدة الزعيمة»، قالت فيه:

كتب إلينا أديب كبير يذكرنا بأن مبدأ الصحيفة أن تأخذ بالأصلح الأنسب، وأن ما تدعو إليه السيدة الجليلة هدى هانم شعراوي إنما هو من هذا المبدأ، ورأى أن فيما كتبناه في الأسبوع الفائت من الرد على السيدة انحرافا عنه.

ولو أن سيدنا الأستاذ قد اطلع على الكتاب بأكمله الذي رفعته أخيرا السيدة إلى دولة رئيس الوزراء كما اطلع على ما كتبناه، لتأكد أننا في ردنا لم ننحرف عن مبدأ الصحيفة، ذلك لأن السيدة تطلب فيما رفعته أمرين؛ أولهما: منع تعدد الزوجات، وثانيهما: أن يكون الطلاق على يد القاضي، ونحن لم نرد عليها إلا في الأمر الثاني وتركنا الأول، لأننا نعتقد اعتقادا جازما أنها محقة فيه؛ لأن تعليق تعدد الزوجات على شرط العدل، وأن العدل غير قائم وأنه لفظ لا مدلول له في هذا الأمر، يشعر بأن هذا التعليق ضرب من التحريم، وأن الأولى مع هذا وما يسبب عنه من التعب العائلي واضطراب التربية أن يعدل عنه الراغب فيه.

ولكننا في الأمر الثاني أخذنا في نقده؛ لأننا نعتقد أن ما تطلبه السيدة ليس بالأصلح ولا بالأنسب وإنما هو إحراج ضرره أكبر من نفعه. وقد أبان معالي وزير الحقانية في حديث له بعض ضرره ومعايبه، ما دعانا إلى أن نعتبره غير صالح وما همنا فوق ذلك مما ذكرته السيدة إلا قولها: «وهما أي الوالدان لا يعدمان حيلة لتدبير الأسباب المعقولة لعرضها على القاضي عند طلب الطلاق.»

وواضح في هذه الدعوة التشبث بأن يكون الطلاق على يد القاضي، وأنه في حال وقوع ما يشين الزوجة يختلق الزوجان أسبابا يعقلها القاضي، لتسهيل سبيل الطلاق، وتكون شعارا على ما كتبته الزوجة الخائنة.

ولعمرنا إن التشريع الذي يدعو إلى الاختلاق لا يكون تشريعا يضعه مصلحون يرمون إلى تقديم الخلق، فإن كان سيدي الأستاذ الكبير لا يزال بعد ذلك يرى أن الطلاق على يد القاضي أوفى وأن السيد لا يزال بعد ذلك يرى صلاحية هذا التشريع، فإننا نقول له مع القائلين:

لكم دينكم ولي دين .

نصيب المرأة في الميراث

وفي ذلك الوقت الذي كانت تدور فيه مثل هذه المناقشات الحارة، اقترح الأستاذ الفاضل سلامة أفندي موسى في كتاب أرسله إلي أن أطلب إلى وزارة الحقانية سن قانون يساوي بين المرأة والرجل في الميراث، وقد أرفق خطابه بملخص محاضرة ألقاها بدار جمعية الشبان المسيحية عن نهضة المرأة في مصر، وكانت هذه المحاضرة قد نشرت في جريدة المقطم الغراء، وقد رددت على هذا الاقتراح بمقال في جريدة السياسة، قلت له:

Unknown page