168

Mudhakkirat

مذكرات هدى شعراوي

Genres

بعد هذا أخذت جمعية الاتحاد النسائي تتدرج في معالجة المسائل الخاصة بإصلاح المرأة سواء كانت من جهة التشريع أو من جهة التربية العقلية والجسمية بإنشائها مشغل ومستوصف دار الاتحاد أوائل سنة 1924، أما من جهة الإصلاح التشريعي فقد قدمت للحكومة مشروعا مطولا بطلب إصلاح قانون الأحوال الشخصية، وهي تعتقد أن جميع النقط التي طلبت إصلاحها ضرورية لتحسين حال العائلة لا المرأة وحدها، لذلك لنا أمل عظيم في أن الحكومة المصرية التي تمثل إرادة الشعب وتسهر على راحته وسعادته ستحقق هذا المشروع الحيوي المفيد.

سيداتي:

طالما كنت فخورة بما أحرزته المرأة المصرية منا لتقدم في هذه المدة القصيرة، ولكني كلما اتصلت بالمرأة الغربية وعلى الأخص الأمريكية ضعف ما كنت أشعر به من الارتياح لحركتنا لأني إذا قست خطواتنا بخطوات المرأة هناك، مع مراعاة أقدميتها في الحركة النسوية أو الاجتماعية أجد ما تتقدم إليه الغربية في عام قد لا نصل إلى مثله في جيل.

وإذا كان من المحقق والمعروف أن المرأة نصف الخليقة البشرية، فاعلمن أن السعادة والغنى في تلك البلاد قائمان على ساعد الرجل ونشاط المرأة.

سيداتي:

نزلت ضيفة عند صديقة لي في ديترويت، وأقمت عندها بضعة أيام ولا أحدثكن عما لقيته من كرم الضيافة الحاتمية وحسن الحفاوة بأختكن المصرية، ولكن ما رأيته من نظام في بيتها وعناية بأطفالها وروح الوفاق والإخلاص بينها وبين زوجها، كل ذلك كان كافيا لمحو ما علق بذهني مما كنت أسمعه عن طيش بنات اليسار من الأمريكيات، وقد تبينت أن سر النظام في أمريكا هو شعور المرأة بشخصيتها واحترام الرجل لها، وتقدير الرجل والمرأة للواجب، ووضع الشيء في موضعه، فمتى يا سيداتي يسعدنا الحظ ونخطو خطوة هذه الأمم الراقية.

لي أمل عظيم في أن اللاتي تخرجن في هذا المعهد الجليل وتمرن على المبادئ الأمريكية يكن طليعة المرأة الجديدة في بلادنا.

الفصل السادس والثلاثون

توطدت الصلة بين جمعية الاتحاد النسائي المصري وبين الجامعة الأمريكية في القاهرة بعد عودتي من رحلتي إلى أمريكا وأوروبا، وكان من دوافع ذلك أن دور الاتحاد في الحياة العامة قد أصبح بارزا ومفهوما، وبخاصة لدى المرأة الأمريكية والأوروبية، وكان من الطبيعي أن يحدث هذا التعاطف الذي يدل على التقدير المتبادل.

وكنت بعد عودتي من هذه الرحلة، قد دعيت لإلقاء محاضرة عن الحركة النسائية المصرية في الجامعة الأمريكية، وقد شاءت الظروف أن يتأخر موعد هذا اللقاء فترة من الوقت بسبب انشغالي ببعض القضايا الاجتماعية والنسائية، إلى أن أتيحت الفرصة وألقيت محاضرتي، وقد لقيت من الاهتمام والتقدير ما دفع الجامعة الأمريكية إلى تكرار هذه اللقاءات، تحقيقا للفائدة المرجوة من وراء إبراز دور الحركة النسائية في مصر، وقد رأيت أن تكون المحاضرة التالية للسيدة إحسان القوصي سكرتيرة الجمعية، وقد ألقيت المحاضرة في 14 أبريل 1928؛ حيث تحدثت إلى جماهير الحاضرين عن أعمال الاتحاد والنهضة النسائية وجهود جمعيتنا، وقد رأيت أن أسجل هذه المحاضرة للتاريخ.

Unknown page