89

Mudhakkira fiqh

مذكرة فقه

Editor

صلاح الدين محمود السعيد

Publisher

دار الغد الجديد

Edition

الأولى

Publication Year

1328 AH

Publisher Location

مصر

[الأنعام: ١٤٥] أي: نجس وسماه الرسول ﷺ ((أم الخبائث))(١) والخبائث كل شيء ردئ والرداءة هنا بمعنى النجاسة.

ولكن الراجح: أن الخمر ليس بنجس فلا ينجس الثوب؛ إذا أصابه ونحو ذلك، ولكن شربه محرم، ومن أنكره فقد كفر. وهناك فرق بين تحريم شربه ونجاسته، فقد يكون الشيء محرمًا وليس بنجس؛ كالسم، فهو محرم وليس بنجس، والدخان محرم وليس بنجس ونحو ذلك، ولا يمكن أن يكون الشيء نجسًا إلا ويكون محرمًا، من هذا نخرج بأن كل نجس محرم، وليس كل محرم نجسًا، وطهارة الخمر هي الراجحة(٢)، والإجابة على الذين استدلوا بنجاسته كما يلي:

١- من تأمل الآية عرِفٍ أن المراد بالرجس، الرجس العملي، وليس الرجس الذاتي، فقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ﴾ [المائدة: ٩٠] فهو رجس عملي لا رجس حسي؛ فإذا كان عمليًا فهو معنوي، كما جعل الله المشركين نجسًا نجاسة معنوية، كما أن الميسر ليست نجاسته حسية؛ وكذلك الأنصاب ليست نجاسته حسية وإنَّما عملية ؛ لأن الصنم قد يكون من حجر أو من خشب فليست نجاسته نجاسة حسية؛ وكذلك الأزلام، وهي التي يستقسم بها العرب في الجاهلية ، إذا هَمَّ أحدهم بأمر أتى بثلاثة أقداح كتب على أحدها افعل ، والثاني لا تفعل، والثالث ليس فيه شيء يخلطها في كيس أو شبهه ثم يدخل يده في ذلك المكان فإن خرج افعل عمل، أو لا تفعل لم يعمل ما هَمَّ به، وإن خرج الفارغ أعاد الكرة.

هذه الأزلام نجسة معنويًا، والخمر مثلها.

ويمكن إثبات الدليل على طهارتها مع أنه لا يلزم أن نقول بحلها ، وأصل الأشياء الحل لما حرمت الخمر كانت في أواني، ولم يأمر الرسول ﷺ بغسل تلك الأواني بعد إراقة الخمر منها والرسول ﷺ أمر بغسلها عندما حرمت لحوم الحمير الأهلية ، ذلك عام خيبر.

(١) حسن: رواه النسائي (٥٦٦٦، ٥٦٦٧) من حديث عثمان رضي الله عنه وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع (٣٣٤٤) والسلسلة الصحيحة (١٨٥٤).

(٢) هذا ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله في الشرح الممتع حيث قال: ((الخمرة على القول الراجح لیست نجسة)).

89