Muctamid Ibn Cabbad
المعتمد بن عباد: الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ
Genres
أما بعد، فإنك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم ولم تنسب إلى عجز، وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقل ولم ننسب إلى وهن، وقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتينا، فاختر لنفسك أكرم نسبتيك، فإنك بالمحل الذي لا يجب أن تسبق فيه إلى مكرمة، وإن في استبقائك ذوي البيوت ما شئت من دوام لأمرك، والسلام.
فأجاب يوسف:
سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية من سالمكم وسلم عليكم، وإنكم مما في أيديكم من الملك في أوسع إباحة، مخصوصون منا بأكرم إيثار وسماحة، فاستديموا وفاءنا بوفائكم، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، والله ولي التوفيق لنا ولكم، والسلام. (2)
وكره ابن تاشفين وجنده ما سمعوا من ترف ملوك الأندلس ولهوهم، وما رأوا من بذخهم حين حلوا ببلادهم:
يقول المقري في نفح الطيب بعد ذكر نزول ابن تاشفين في إشبيلية بعد موقعة الزلاقة وما رآه في المدينة من الأبهة والرفاهية والترف:
وكان مع ابن تاشفين أصحاب له ينبهونه على حسن تلك الحال وتأملها وما هي عليه من النعمة والأتراف، ويغرونه باتخاذ مثلها ويقولون له: إن فائدة الملك قطع العيش فيه بالتنعم واللذة كما هو المعتمد وأصحابه، فأنكر يوسف هذا وقال:
الذي يلوح لي من أمر هذا الرجل - يعني المعتمد - أنه مضيع لما في يده من الملك؛ لأن هذه الأموال الكثيرة التي تصرف في هذه الأحوال لا بد أن يكون لها أرباب لا يمكن أخذ هذا القدر منهم على وجه العدل أبدا، فأخذه بالظلم وإخراجه في هذه الترهات من أفحش الاستهتار، ومن كانت همته في هذا الحد من التصرف فيما لا يعدو الأجوفين متى يستجد همة في ضبط بلاده وحفظها وصون رعيته والتوفير لمصالحها.
12
ويقول المقري:
ثم إن يوسف بن تاشفين سأل عن أحوال المعتمد في لذاته: هل تختلف فتنقص عما هي عليه في بعض الأوقات؟ فقيل له: بل كل زمانه على هذا. فقال: أفكل أصحابه وأنصاره على عدوه، ومنجديه على الملك، ينال حظا من ذلك؟ فقالوا: لا. قال: فكيف ترون رضاهم عنه؟ فقالوا: لا رضا منهم عنه. فأطرق وسكت، وأقام عند المعتمد على تلك الحال أياما.
Unknown page