Al-Muʿtamad fī uṣūl al-fiqh
المعتمد في أصول الفقه
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٣
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
لَو يجز ذَلِك لم يحسن أَن يَقُول الله ﷿ تمسكوا بالسبت مَا عشتم إِلَّا السبت الْفُلَانِيّ وَأَيْضًا فانه كَمَا يجوز الْعقل أَن يكون التَّمَسُّك بالسبت مصلحَة فانه يجوز كَونه مصلحَة فِي وَقت مفْسدَة فِي وَقت آخر كَمَا يجوز كَون الرِّفْق بِالصَّبِيِّ مصلحَة فِي وَقت مفْسدَة فِي وَقت آخر وكما يجوز كَونه مصلحَة لزيد دون عَمْرو فِي وَقت وَاحِد يجوز أَن يكون مصلحَة لزيد فِي وَقت دون وَقت وكما يجوز كَون الصِّحَّة وَالْمَرَض والغنى والفقر مصلحَة فِي وَقت دون وَقت يجوز كَون التَّمَسُّك بالسبت مصلحَة فِي وَقت دون وَقت لَا فرق فِي الْعقل بَين هَذِه الْأَقْسَام
وللمخالف أَن يحْتَج بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا لَا بِبَيِّنَة على الْأُمُور الْمُقَيد بالتأبيد بل بِبَيِّنَة على النَّهْي عَن مثل مَا تعبدنا بِهِ وَهَذَا أشبه بِأَن يكون وَجها عقليا وَالْآخر بِبَيِّنَة على أَمر قيد بالتأبيد حَتَّى يكون السّمع قد منع من النّسخ
أما الأول فَهُوَ أَن يُقَال لَو نهى الله ﷿ عَن صُورَة مَا تعبد بِهِ لَكَانَ إِمَّا قد خَفِي عَلَيْهِ صَلَاح مَا أَمر بِهِ مَا كَانَ ظَاهرا أَو ظهر لَهُ من فَسَاد مَا كَانَ خافيا فِيهِ وَهُوَ البداء أَو يكون عَالما بِمَا كَانَ عَالما بِهِ إِلَّا أَنه قصد الْأَمر بالقبيح وَالنَّهْي عَن الْحسن وَالْجَوَاب أَنه إِنَّمَا يلْزم ذَلِك لَو لم يجز كَون مثل الْوَاجِب قبيحا فِي وَقت آخر فَأَما إِذا جَازَ ذَلِك فقد أمكن قسم آخر سوى مَا ذكر وَهُوَ أَن يعلم الله سُبْحَانَهُ فِيمَا لم يزل وجوب مَا أَمر بِهِ فِي الْوَقْت الَّذِي أَمر بِهِ وقبحه فِي الْوَقْت الَّذِي نهى عَنهُ وَلَو كَانَ مثل الْفِعْل حكمه فِي جَمِيع الْحَالَات لَكَانَ حكم نِكَاح الْأَخَوَات والختان فِي جَمِيع الْحَالَات حكما وَاحِدًا وَمَعْلُوم أَن نِكَاح الْأَخَوَات قد كَانَ غير مَحْظُور من قبل ومحظور فِي شرع مُوسَى ﵇
أما الْوَجْه الثَّانِي فتحريره أَن يُقَال إِن الْأَمر بِالْفِعْلِ أبدا يُفِيد وجوب فعله فِي جَمِيع الْأَوْقَات بِشَرْط الْإِمْكَان فَلَو أَمر الله سُبْحَانَهُ بِالْعبَادَة أبدا لم يخل إِمَّا أَن يكون قد أَرَادَ بِالْأَمر فعل الْعِبَادَة أبدا مَا بَقِي الْإِمْكَان أَو لم يرد
1 / 371