350

Al-Muʿtamad fī uṣūl al-fiqh

المعتمد في أصول الفقه

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٣

Publisher Location

بيروت

وَمِنْهَا مَا رُوِيَ أَن النَّبِي ﷺ لما خلع نَعله فِي الصَّلَاة خلع من كَانَ خَلفه نَعله وَهَذَا لَا يدل لِأَنَّهُ لَا يعلم أَنهم فعلوا ذَلِك وَاجِبا وَلَا يمْتَنع أَن يَكُونُوا لما رَأَوْهُ قد خلع نَعله مَعَ امْرَهْ بِأخذ الزِّينَة بِالصَّلَاةِ علمُوا أَن خلعها متعبد بِهِ غير مُبَاح لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُبَاحا مَا ترك بِهِ الْمسنون فِي الصَّلَاة على أَنه ﷺ قد قَالَ لَهُم لم خلعتم نعالكم فَقَالُوا لآنك خلعت نعلك فَقَالَ إِن جِبْرِيل أَخْبرنِي أَن فِيهَا أَذَى فَدلَّ بذلك على أَنه يَنْبَغِي أَن يعرفوا الْوَجْه الَّذِي أوقع عَلَيْهِ فعله ثمَّ يتبعوه وَهَذَا هُوَ قَوْلنَا
وَاحْتج الْقَائِلُونَ بِأَن أَفعاله لَيست على الْوُجُوب بأَشْيَاء
مِنْهَا أَنه لَو وَجب علينا مثل مَا فعله لَكَانَ على وُجُوبه دَلِيل وَقد بَينا أَنه لَا دَلِيل على ذَلِك عَقْلِي أَو سَمْعِي فَلم تكن وَاجِبَة علينا
وَمِنْهَا أَن مَا دلّ على اتباعنا لأفعاله هُوَ قَول الله ﷿ ﴿لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة﴾ وَقَوله ﴿فَاتَّبعُوهُ﴾ وَقد بَينا أَن التأسي هُوَ إِيقَاع مَا أوقعه على الْوَجْه الَّذِي أوقعه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ اتِّبَاعه فِيهِ فَمَا دلّ على اتِّبَاعه دلّ على اعْتِبَار الْوَجْه وَلقَائِل أَن يَقُول إِن دَلِيل التأسي والاتباع قد اقْتضى إِيقَاع مَا أوقعه على الْوَجْه الَّذِي أوقعه فَمن ايْنَ أَن مَا لَا يعلم الْوَجْه فِيهِ لَا يجب علينا فعله فان قُلْتُمْ إِنَّه لَا دَلِيل على الِاتِّبَاع والتأسي إِلَّا هَاتين الْآيَتَيْنِ قيل فَإِذن الدَّال على أَنه لَا يجب فعله علينا من غير اعْتِبَار الْوَجْه هُوَ فقد الدَّلِيل وَهَذَا هُوَ رُجُوع إِلَى الدَّلِيل الأول
وَمِنْهَا أَنه لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يجب مثل فعله علينا بِاعْتِبَار الْوَجْه الَّذِي أوقعه عَلَيْهِ أَو من غير اعْتِبَار الْوَجْه فان وَجب بِاعْتِبَار الْوَجْه فَهُوَ قَوْلنَا وَإِن وَجب

1 / 351