Al-Muʿtamad fī uṣūl al-fiqh
المعتمد في أصول الفقه
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٣
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
فان قَالُوا هلا قُلْتُمْ إِن الْقَرِينَة كالعهد فِي وجوب انصراف الْعُمُوم إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يكون مجَازًا كَمَا لَو انْصَرف إِلَى الْعَهْد وَالْجَوَاب إِن لَام التَّعْرِيف وضعت لتقييد مَا السَّامع بِهِ أعرف فان كَانَ بَينه وَبَين الْمُتَكَلّم عهد فَهُوَ بِهِ أعرف فَانْصَرف أليه الْكَلَام وَإِن لم يكن بَينهمَا عهد فَلَيْسَ يعرف إِلَّا الْجِنْس فَانْصَرف إِلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِك مَا يدل عَلَيْهِ الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة لِأَنَّهُ إِنَّمَا يعرف انصراف الْعُمُوم إِلَيْهِ إِذا علم بِدَلِيل عَقْلِي أَن بعض الْعُمُوم لَا يجوز أَن يُرَاد وَعلم أَن الْمُتَكَلّم حَكِيم وَرُبمَا غمض الدَّلِيل على أَنه لَا يجوز أَن يُرَاد فَجرى مجْرى سَائِر الْأَدِلَّة المخصصة سِيمَا وَمَا يفِيدهُ اللَّفْظ فِي الْمُوَاضَعَة لَا يقف على حِكْمَة الْمُتَكَلّم وَأَيْضًا فاذا ثَبت أَن الْألف وَاللَّام تفِيد الِاسْتِغْرَاق فَالْأولى أَن يُقَال إنَّهُمَا ينصرفان إِلَى الْعَهْد بِقَرِينَة وَهُوَ معرفَة السَّامع بِقصد الْمُتَكَلّم وَيجْرِي ذَلِك مجْرى جَمِيع أَلْفَاظ الْعُمُوم الَّتِي تعلم من قصد الْمُتَكَلّم أَنه استعملها فِي الْخُصُوص وَيكون مجَازًا
فَأَما إِن كَانَت الْقَرِينَة لَا تستقل بِنَفسِهَا نَحْو الِاسْتِثْنَاء والشروط وَالتَّقْيِيد بِالصّفةِ كَقَوْل الْقَائِل جَاءَنِي بَنو تَمِيم الطوَال فقد ذهب قَاضِي الْقُضَاة إِلَى أَن الِاسْتِثْنَاء يَجْعَل الْعُمُوم مجَازًا وَلم يقل ذَلِك فِي الشُّرُوط وَالصّفة وَعند الشَّيْخ أبي الْحسن الْكَرْخِي ﵀ أَن الْعُمُوم لَا يصير مجَازًا بِهَذِهِ الْأُمُور الثَّلَاثَة وَلَعَلَّه عني مَا نذكرهُ الْآن وَهُوَ أَن هَذِه الْأُمُور الثَّلَاثَة تجْعَل لفظ الْعُمُوم من جملَة كَلَام وَلَا يكون لفظ الْعُمُوم بِانْفِرَادِهِ حَقِيقَة وَلَا مجَازًا وَيكون الْعُمُوم مَعَ الِاسْتِثْنَاء بمجموعها حَقِيقَة وَكَذَلِكَ هُوَ مَعَ الشَّرْط وَمَعَ الصّفة وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الْقَائِل إِذا قَالَ اضْرِب بني تَمِيم الطوَال أَو قَالَ إِن كَانُوا طوَالًا أَو قَالَ إِلَّا من دخل الدَّار فانه يرد بَعضهم بِلَفْظ الْعُمُوم وَحده لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك مَا كَانَ قد أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَو الشَّرْط أَو الصّفة شَيْئا لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تُوضَع لشَيْء يسْتَقلّ فِي دلالتها عَلَيْهِ فَيُقَال إِن الْمُتَكَلّم قد أَرَادَ بهَا ذَلِك الشَّيْء وَأَرَادَ بِالْعُمُومِ وَحده الْبَعْض وَلِأَنَّهُ إِذا أَرَادَ الْبَعْض بِلَفْظ الْعُمُوم لم يبْق شَيْء يُريدهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالشّرط وَالصّفة فَثَبت أَنه إِنَّمَا
1 / 264