75

Muctabar

المعتبر (ج3) لأبي سعيد الكدمي

Genres

ويعجبني أنه إن لزمت الحاجة الملحة، التي هي بمعنى الضرورة إلى إطعام الأطفال أو إلى إطعام الدواب، تلك المحرمات في الأصل، فإنه يجوز ذلك، بمعنى ما يخافون عليهم من الضرورة في إطعامهم لذلك، أو ترك سقيهم له ، ولو لم يلزمهم ذلك في الضرورة في ذات أنفسهم، وكان معهم ما يقوتهم من الحلال، وليس فيه سعة للأطفال.

وأعجبني كذلك أن يكون البالغون يكفيهم العوض بالحلال، ويستعينون من الحلال ويتوسعون بإطعام الطفل من المحرمات في الأصل، إذا لم يكن في الحلال فضل لهم من الرجال والأطفال، وأما ما عارضته النجاسات من الطواهر، فمعي أن ذلك يخرج فيه القول أنه يطعم الأطفال والدواب على غير الضرورة في حال السعة بالحلال، ومن الحلال الطاهر، وليس ذلك في حال الضرورة، فأما في حال الضرورة فيقع ذلك عندي ما لا يختلف فيه.

ومعي أنه قد قيل: إنه كل ما كان يعصم من المحرمات، يعني من الضرورة حال للمضطر في حال ضرورته، أن يأكل منه أو يشرب، بقدر ما يحيي به نفسه، فأما الميتة ولحم الخنزير وما أشبه ذلك، فيقع عندي موقع الإجماع عليه، أنه جائز في حال الاضطرار، في حكم كتاب الله - تعالى في قوله تعالى: ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لخم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ) .

وأما ما سوى ذلك، مما لم يأت فيه نص من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمعي أنه قد قيل فيه كله إنه محجور، إذ لم يأت فيه ترخيص، واذ هو على جملة التحريم، وليس مستثنيا فيه في ضرورة ولا في غيرها، وذلك مثل الخمر والأبوال والعذرة، وأشباه هذه المحرمات والرجس: فقال من قال: لا يجوز ذلك، لا في ضرورة ولا في غيرها، أو جوع أو ظمأ.

Page 77