278

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Genres

Rhetoric
الضمير في صواعقه: للغمام، ويزيلهن فعله، والكناية التي هي هن تعود إلى الصواعق كني بالغمام عني سيف الدولة وصواعقه عن إيذائه إياه وبالديم عن عطائه عند غيره. فيقول: ديم هذا الغمام عند غيري، وصواعقه عندي، فليت صواعقه عند من ديمه عنده، يعني ليته إن ليم يخصني بكرامة لا يقصدني بأذاه، بل يصرف امتنانه إلى من عنده عطاياه، ومثله لآخر: فلو شاء هذا الدّهر أقصر سوءه ... كما أقصرت عنّا لهاه ونائله ومثله للبحتري: سحابٌ خطاني جوده وهو مسبل ... وبحر عداني قطره وهو مفعم وبيت ابن الرومي أقرب إلى أبي الطيب: أعندي تنقضّ الصّواعق منكما ... وعند ذوي الكفر الحيا والثّرى الجعد والأصل في ذلك قول الحسين بن علي ﵄: نال حارها من تولي قارها. أرى النّوى تقتضيني كلّ مرحلةٍ ... لا تستقلّ بها الوخّادة الرّسم تقتضيني: أي تتقاضاني، وتطالبني، والوخادة الإبل التي تسير الوخد، وهو ضرب سريع من السير، والرسم: جمع رسوم، وهي التي تسير الرسيم، وهو أيضًا ضرب من السير، والهاء في بها للمرحلة: أي لا ينهض بها. يقول: أرى البعد يطالبني بكل مرحلة لا تقطعها الإبل السريعة السير، من طولها، فأظهر لسيف الدولة السير عنه والرحيل. وبينه أيضًا فيما يليه. لئن تركن ضميرًا عن ميامننا ... ليحدثنّ لمن ودّعنهم ندم ضمير: اسم ماء في السماوة وقيل: جبل عن يمين طالب مصر، إذا خرج من الشام قاصدًا مصر، والكناية في تركن وميامنها وودعن إلى الوخادة الرسم. يقول: لئن تركت الإبل الوخادة الرسم ضميرًا عن ميامنها، وأخذت بنا طيق مصر، ليحدثن لمن أفارقه ندم. واللام في قوله: ليحدثن جواب قسم محذوف: أي والله ليحدثن. واللام في لئن تركن زائدة دخلت توطئة للام الثانية، وحل جواب القسم محل جواب الشرط. إذا ترحّلت عن قومٍ وقد قدروا ... ألاّ تفارقهم فالرّاحلون هم الراحل: المرتحل. يقول مخاطبا لنفسه: إذا قدر قوم على ألا يضطروك إلى مفارقتهم والرحيل عنهم، ثم اضطروك إلى ذلك، فهم مخلون بحقك، فيكونون بمنزلة المرتحلين عنك، لرغبتهم عنك، فلا فرق بين رحيلهم عنك، وإلجائهم إياك إلى فراقهم. شرّ البلاد بلادٌ لا صديق بها ... وشرّ ما يكسب الإنسان ما يصم ما يصم أي ما يصمه، ومعناه: ما يلحقه الوصم، وهو العيب. يقول: شر البلاد بلاد لا صديق بها تسكن إليه، ويعينك على ما تريده، ويدفع ما يضرك، وشر كسب يكسبه الإنسان، ما يعاب به، وبذل عرضه بسببه. وشرّ ما قنصته راحتي قنصٌ ... شهب البزاة سواءٌ فيه والرّخم البزاة: الشهب البيض، وهي كرامها، والرخم: جمع رخمة، وهي طائر يشبه النسر، تأكل الجيف ولا تصيد، وهي من لئام الطير وقيل: الرخمة: الأنثى من النسور. وروى: اقتنصته وقنصته. يقول: أنا كالبازي، وشعراؤك كالرخم، فلم سويت في المنزلة بيننا في الجائزة فيبطل فضل البازي فيم يعد لذلك العطاء عندي قدر. ومثله لأبي تمام: كلابٌ أغارت في فريسة ضيغم ... طروقًا وهامٌ أطمعت صيدًا أجدلا بأيّ لفظٍ يقول الشّعر زعنفةٌ ... تجوز عندك لا عربٌ ولا عجم؟! الزعانف: سقاط الناس، واحدها زعنفة، وأصله من زعنفة الأديم: وهو ما سقط منهن إذا قطع فلا ينتفع به، فشبه به رذال الناس، وقيل: الزعانف: أجنحة السمك، ثم يقال للدعي الملحق بالقوم زعنفة. يقول: إن شعراءك الذين تسوي بيني وبينهم أدعياء في الشعراء، وإنهم من جملة رذال الناس، ليسوا بأهل للإقبال عليهم؛ لأنهم دخلاء في الشعر، ليسوا من العرب ولا من العجم، فتقبل منهم شعرهم، ويجوز عليك تمويههم. وقال ابن جني: معناه ليست لهم فصاحة العرب، ولا تسليم العجم، والفصاحة للعرب، فهم فضول رذال. وقيل: إنه عرض في هذا بالنامي، وكان أخص شعراء سيف الدولة وأنشد أبو الطيب يوما قول النامي: ومن العجائب أنّ بيض سيوفه ... تلد المنايا السّود وهي ذكور فاستحسنه. هذا عتابك إلاّ أنّه مقةٌ ... قد ضمّن الدّرّ إلاّ أنّه كلم العتاب: أدنى الملامة والمقة: المحبة.

1 / 278