Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genres
Rhetoric
يقول: عرفتك في حال تعبئة الجيش، وتسوية الصفوف؛ لأنك كنت معروفا فيما بينهم ببأسك وإقدامك، ومن حيث أنك لا تبالي بغير سيرك، فكان الوقت جامعًا للأمرين: لتعبئة الجيوش، وللحالة الثانية وهي أنك لا تعيج بغير سيرك، وكان من عادته أنه كان لا يعيج بسير غيره، وإنما كان يعتمد سير نفسه، ولا يعتمد على أن تسير الجيوش إلى الأعداء، بل كان يتولاها بنفسه.
ووجه البحر يعرف من بعيدٍ ... إذا يسجو فكيف إذا يموج
يسجو: يسكن.
يقول: أنت البحر! يعرف من المكان البعيد، وهو ساكن، فكيف إذا ماج واضطرب؟! شبهه بالبحر المائج، لبأسه وهيبته.
بأرضٍ تهلك الأشواط فيها ... إذا ملئت من الرّكض الفروج
الأشواط: عدو الفرس. يقال: عدا شوطًا، أي طلقا. والفروج: جمع فرج، وهو ما بين القوائم.
يقول: رأيتك في أرض واسعة بعيدة الأطراف. تهلك: أي تفنى. الأشواط فيها: أي عدو الفرس فيها، لسعتها ولا تقطعها إذا جرت أشد الجري، وهو في معنى قوله:
إذا ملئت من الرّكض الفروج
تحاول نفس ملك الرّوم فيها ... فتفديه رعيّته العلوج
العلوج: جمع علج، وهو الشديد الخلق، القوى على معالجة العمل. والهاء في فيها تعود إلى الروم ويجوز أن تعود إلى الأرض.
يقول: تطلب نفس ملك الروم، وتقصده دون غيره، ولكن تفديه رعيته وأصحابه وجنوده فتقتلهم بين يديه.
أبا لغمرات توعدنا النّصارى ... ونحن نجومها وهي البروج!؟
الغمرات: الشدائد، وأراد بها الحروب.
يقول: تهددنا النصارى بالحروب والشدائد والخوض في المهالك ونحن لا ننفك عنها، وليس لنا منزل سواها فكأنا نجوم، والغمرات بروج تلك النجوم، فكما لا تزايل النجوم بروجها فكذلك نحن لا نزايل الغمرات.
وفينا السّيف حملته صدوقٌ ... إذا لاقى وغارته لجوج
يقول: كيف توعدنا النّصارى؟ وفينا سيف الدولة! الذي إذا حمل صدقت حملته: أي لا يرجع حتى يقتل المحمول عليه، وإذا أغار لج على الإغارة وأدامها.
تعوّذة من الأعيان بأسًا ... ويكثر بالدّعاء له الضّجيج
بأسًا: قيل نصب على التمييز، وقيل: على أنه مصدر، وقيل: على أنه مفعول له. أي نعوذه لأجل بأسه وإقدامه.
يقول: إذا رأينا بأسه وإقدامه. خفنا عليه من العيون، فنعوذه من شر العيون أن تصيبه، ورفعنا أصواتنا بالدعاء له، حتى ينصرف الله عنه العين.
رضينا والدّمستق غير راضٍ ... بما حكم القواضب والوشيج
الدمستق عند الروم: قائد الجيش مثل اسفهسالار عند الفرس والقواضب: السيوف والوشيج: في الأصل. أصول الرماح، وعروقها التي تنبت عليها الرماح، ثم سميت الرماح بمنبتها.
يقول: نحن رضينا بما حكمت السيوف والرماح، والدمستق غير راض بذلك، لأنها حكمت لنا بالظفر والنصر، وعلى الدمستق بالقتل والهزيمة.
فإن يقدم فقد زرنا سمندو ... وإن يحجم فموعده الخليج
سمندو: مدينة في بلاد الروم، وأراد بالخليج: خليج قسطنطينيه: وهي دار مملكة الروم.
يقول: إن أقدم فنحن توسطنا بلاده، حتى نزلنا على سمندو، وإن أحجم عنا فالموعد بيننا وبينه أن ننزل على الخليج ونحاصره في دار مملكته.
1 / 253