242

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Genres

Rhetoric
وخوضه غمر كلّ مهلكةٍ ... للذّمر فيها فؤاد رعديد الغمر: الماء الكثير، وجعل المهلكة غمرًا اتساعًا، وأراد به معظمها، وقيل: أراد وسطها، والذمر: الشجاع، والرعديد: الجبان، الذي يرتعد من شدة الخوف، وقوله: للذمر إلى آخره. صفة للمهلكة. يقول: إنه ينكر الموت على الفراش بعد خوض المهالك التي يصير قلب الشجاع فيها كقلب الجبان المرتعد من شدة الخوف، ومن كان هذه حاله، يستنكر موته على فراشه. فإن صبرنا فإنّنا صبرٌ ... وإن بكينا فغير مردود الصبر: جمع صابر، وقيل: جمع صبور. يقول: إن صبرنا على هذه المصيبة، فكذلك عادتنا، وإن بكينا عليه، فغير مستنكر لعظم المصيبة. وإن جزعنا له فلا عجب؛ ... ذا الجزر في البحر غير معهود الجزر: نقصان الماء. والمد: زيادته. يقول: إن جزعنا عليه فليس بعجب، لأن هذا الجزر في البحر غير معهود. يعني أن مثل هذا المصاب لم نعهده لنصب عليه، وعبر عن الرجل بالبحر، وعن المصيبة بالجزر، يعني: إنا وإن رأينا المصائب قبل هذا. فلم نر مثل هذه المصيبة، فهي جزر غير معهود على هذا الوجه. وقيل: معناه أنه كالجزر لم يعهد في البحار، وإنما يكون في الأنهار، فهذا أمر هائل عجب، فجزعنا له غير عجب. وقيل: أراد بالبحر سيف الدولة، ومعناه أن موت هذا الرجل كالجزر العظيم في البحر، الذي ليس بحر أعظم منه، وهو غير معهود. أي لم يمت لسيف الدولة أحد أجل منه. أين الهبات الّتي يفرّقها ... على الزّرافات والمواحيد؟؟ الزرافات: الجماعات. والمواحيد: جمع الموحد. يقول: أين المواهب التي كان يفرقها على الجماعات والآحاد من قصاده. سالم أهل الوداد بعدهم ... يسلم للحزن لا لتخليد يقول: مات بموته أهل وده، فمن سلم منهم، فإنما يسلم لتجرع الحزن لا لأن يخلد في الدنيا ويدوم له البقاء، لن كلا يموت. فما ترجّى النّفوس من زمنٍ ... أحمد حاليه غير محمود؟! يقول: أي رجاء يكون للإنسان في الدنيا، ويكون أحمد حاليه وهو البقاء غير محمود! لأنه مشوب بأنواع من الحزن والمكاره، وغايته الموت. إنّ نيوب الزّمان تعرقني ... أنا الّذي طال عجمها عودي نيوب: جمع ناب في الكثرة، وتعرقني: أي ما علي من اللحم. والعراق: فجربني حتى عرفني؛ لكثرة تقلي لصروفه. وفىّ ما قارع الخطوب وما ... آنسنى بالمصائب السّود المقارعة: المضاربة. والخطوب: الأمور العظيمة. والمصائب السود: هي الشديدة التي يسود بها البصر. وقيل: وصفها بالسود للبس الحداد فيها، لشدتها. يقول: فيّ من الصبر ما يقاوم الخطوب، ويؤنسني بالمصائب الشديدة. ما كنت عنه إذا استغاثك يا ... سيف بني هاشم بمغمود غمدت السيف وأغمدته: إذا أدخلته في الغمد، وهو قرابه. يقول: استغاث بك وهو في أسر الخارجي، فلم تك بمغمود عنه، ومغيب عن نصرته وإغاثته، فلو قدرت الآن على تخليصه من الموت لخلصته، لكن لا يقدر أحد على دفع الموت. يا أكرم الأكرمين يا ملك الأم ... لاك طرًّا يا أصيد الصّيد الأصيد: المتكبر المائل العنق من الكبر، وجمعه صيد. والأملاك جمع في القلة وفي الكثرة: الملوك. قد مات من قبلها فأنشره ... وقع قنا الخطّ في اللّغاديد أنشر الله الموتى فنشروا هم: أي أحياهم الله فحيوا. واللغاديد: جمع لغدوج، وهي لحم باطن اللهوات، وهي أيضًا اللغنون. والنغنغ. يقول: كان قد مات من قبل هذه المرة، أو هذه الحالة حين أسره الخارجي، فأحياه وقع الرماح الخطية، في اللغاديد. يعني: أن سيف الدولة أوقع بالخارجي واستنقذه منه، بعد ما قتل منه خلقًا كثيرًا. ورميك اللّيل بالجنود وقد ... رميت أجفانهم بتسهيد رميك: عطف على قوله: وقع الرماح. أي أنشره بعد موته، قصدك الخارجي بجنودك، وسيرك إليه ليلًا، حتى طلعت عليهم مع الصبح. فصبّحته رعالها شزبًا ... بين ثباتٍ إلى عباديد الهاء في صبحته للمرثى ورعال الخيل: أوائلها، الواحد رعيل ورعلة، والهاء في رعالها للجنود. والشزب: الضوامر. والثبات: الجماعات. والعباديد: المتفرقون يمينًا وشمالًا. يقول: جاءت هذا الرجل أوائل خيلك يا سيف الدولة، وقت الصبح، جماعة ومتفرقين، حتى خلصته من أيدي بني كلاب.

1 / 242