[الجزء الاول] بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى حكاية عمّا دعا به أبو الأنبياء «إبراهيم» عليه وعلى نبينا «محمد» أفضل الصلاة والسلام: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ سورة الشعراء الآية ٨٤

1 / 5

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله الذي أنزل «القرآن» هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في محكم كتابه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١). والصلاة والسلام على رسول الله الذي صح عنه من الحديث الذي رواه «أبو سعيد الخدري» ﵁ حيث قال: قال رسول الله ﷺ: «من شغله القرآن، وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» اهـ (٢). وبعد: فقد اقتضت إرادة الله تعالى أن جعل قلوب بعض عباده المؤمنين أوعية «للقرآن» فحفظوه، وفهموه، وعملوا بتعاليمه: فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وتأدّبوا بآدابه، وتخلّقوا بأخلاقه ثم علّموه للمسلمين حتى وصل إلينا صحيحا مرتّلا، فقد تلقّاه الخلف عن السلف، وتعلمه جيل بعد جيل. وهكذا ستظلّ _________ (١) سورة الحجر الآية ٩. (٢) رواه الترمذي، أنظر: التاج ج ٤ ص ٦. والفضائل في ضوء الكتاب والسنة د/ محمد سالم محيسن ص ٢٤٣.

1 / 7

طائفة من المسلمين- بعون الله تعالى- لا همّ لهم إلا حفظ «القرآن» ثم تعليمه للمسلمين، الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولقد كان من نعم الله الكبرى التي أنعم بها عليّ أن جعلني من حفظة كتابه ثم تعلّم رواياته وقراءاته، ثم الوقوف على معرفة رسمه، وضبطه، وعدّ آياته، ثم فهم معانيه وأحكامه، والوقوف على بلاغته وإعجازه. ولقد تعلق قلبي ووجداني تعلقا كبيرا «بالقرآن» منذ نعومة أظافري. وأحمد الله تعالى أن وفقني فدوّنت ما يقرب من أربعين كتابا كلها لها صلة بالقرآن الكريم. وبما أن حفاظ «القرآن» لهم المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفكري، فقد رأيت من الواجب عليّ نحوهم أن أقوم بتجلية بعض الجوانب المشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي آثارهم من شرح الله صدره للإسلام. فأمسكت بقلمي- رغم كثرة الأعمال المنوطة بي- وطوّفت بفكري، وعقلي بين المصنفات التي كتبت شيئا عن هؤلاء «الحفاظ» بدءا من صحابة رسول الله ﷺ. ويسعدني ويشرّفني أن أقدّم الجزء الاول لتراجم هؤلاء العلماء الأجلاء تحت عنوان: «حفاظ القرآن عبر التاريخ». وقد ضمّنت هذا الجزء تراجم حفاظ القرآن ابتداء من الصحابة رضوان الله عليهم حتى عام ٤٠٥ هـ خمس وأربعمائة من الهجرة (١). كما رتبت الأعلام حسب _________ (١) تنبيه: أدخلت ضمن هذه التراجم ترجمة كل من: ١ - عامر السيد عثمان ت ١٤٠٨ هـ لأنه شيخي. ٢ - محمد سالم محيسن مؤلف هذا الكتاب.

1 / 8

حروف الهجاء ليسهل الرجوع إليها عند اللزوم. أسأل الله ﷾ أن يجعل لي لسان صدق في الآخرين وأن يجعلني من الناجين الفائزين يوم يقوم الناس لربّ العالمين. وصلّ اللهمّ على سيدنا «محمد» وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. خادم العلم والقرآن الدكتور/ محمد محمد محمد سالم محيسن المدينة المنورة الجمعة ٢٠ رمضان ١٤٠٨ هـ. الموافق ٦ مايو ١٩٨٨ م.

1 / 9

رقم الترجمة/ ١ «إبراهيم أبو اسحاق» ت ٣٦٠ هـ ونيف (١) هو إبراهيم بن محمد بن مروان أبو اسحاق الشامي الأصل، المصريّ الدار، ضابط ماهر عارف بقراءة ورش عالي السند فيها. ذكره الذهبي ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إبراهيم أبو إسحاق» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم «أبو بكر بن سيف» وذلك سنة ثمان وتسعين ومائتين من الهجرة. تصدر «إبراهيم أبو اسحاق» لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وحروف القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن. ومن الذين أخذوا عنه: ابن غلبون، وابنه طاهر مؤلف كتاب «التذكرة» وغيرها (٢). توفي «إبراهيم أبو اسحاق» سنة بضع وستين وثلاثمائة. ﵀ رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. _________ (١) أنظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج ١ ص ٢٦. (٢) أنظر: طبقات القراء ج ٢ ص ٢٦.

1 / 11