184

Mucin

المعين على تفهم الأربعين ت دغش

Investigator

الدكتور دغش بن شبيب العجمي

Publisher

مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

حولي - الكويت

Genres

وعادةُ العربِ إذا استعظَمَت أمرًا رَفَعَت أيْدِيَها، فالدَّاعي أَجْدَرُ بذلِكَ؛ إذْ هوَ بين يديْ عظيمِ العُظماءِ كما في التَّكبير، وهو العادة في سؤال المخلوق ليأخُذَ في يدهِ، ولأنَّهُ قِبْلَة الدُّعاء (١). وقوله: "فأنَّى يُستجاب لذلك" أي: كيف؟ على جِهَةِ الاستبعاد لمن هذه صِفَتُهُ وهذا حالُهُ، ومعناه: أنه ليسَ أهلًا لإجابةِ دُعائه، فلا يُجيرُهُ شعثه وغباره من إثم مطعمه ومشربه، فالغوي الذي مَدَّ لها يَدًا نشأت عن مخالفة وعصيان، فكيف حال مَنْ هو منهَمِكٌ في الفساد، ساعي بظلم العباد؟ لكن يجوز أن يستجيبَ اللهُ لهُ تَفَضُّلًا ولُطفًا وكَرَمًا، نعم؛ مِن علامة الإجابة: اجتنابُ الحرام؛ لأنَّ مخالطته تُفْسِدُ القلب، وإذا فَسَدَ فَسَدَت جوارِحُهُ. ومعنى: "غُذِيَ به" أي: كان غِذَاؤُهُ -وهو بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ، ثم ذالٍ مُعْجَمَةٍ مَكسُورةٍ مُخَفَّفةٍ-. وللدُّعاءِ آداب وشروطٌ ذَكَرَهَا الغزالي (٢) وغيره في كتاب "الدُّعاء":

(١) ويرفع يديه؛ لأن الله ﷿ في العلو، وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها عند الدعاء: مسلمهم وكافرهم. وأهل السنة والجماعة يعتقدون: أنَّ الله عالٍ على خلقهِ، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، عِلمُه في كل مكان، وهو فوق السموات السبع، كما قال ﷺ للجارية: "أين الله؟ " قالت: "في السَّماء". قال ﷺ: "أعتِقها فإنَّها مؤمِنَةٌ" [رواه مسلم (١/ ٣٨١ رقم ٥٣٧)]. والأدلة على ذلك أكثر من أن تُذكر في هذا المقام، وقد توسع في ذكرها ابن قدامة والذهبي في "العلو"، وابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" وغيرهم. (٢) وهو "كتاب الدعاء" مِن "الإحياء" (٣/ ٥٤٩ - ٥٥٧). وأنصحُ بالرجوع إلى كتب أهل العلم والسنة في هذا الباب وهي كثيرةٌ جدًّا؛ ففيها غُنيَةٌ عن مثل هذه الكتب المليئة بالخرافات والمخالفات والأحاديث الواهيات، انظر على سبيل المثال "الدعاء" للطبراني، و"الدعوات الكبرى" للبيهقي، وكتاب "الكلم =

1 / 188