Mucin
المعين على تفهم الأربعين ت دغش
Investigator
الدكتور دغش بن شبيب العجمي
Publisher
مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
حولي - الكويت
Genres
وقلوب الخلق يُصَرِّفها كيف يشاء، فالمُوَفَّق من بَدَا عمله بالسَّعادة وخُتِمَ بها، والمَخْذُول عكسه، وكذا من بدا بالخَيْر وخُتِمَ بالشَّر لا عكسه. وأهل الطريق في كُل حالهم يخافون سوء الخاتِمَة -نجانا الله منها- (١).
وتصرُّف الله في خلقهِ ظاهِرًا: إمّا بِخرْقِ العادات كالمُعْجِزة، وإِمَّا بِنَصبِ الأدلة والأمارة كالأحكام التَّكليفية؛ أو باطنًا: إما بتقدير الأسباب نحو: ﴿وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ﴾ [الأنفال: ٤٢] وشِبهه.
أو بِخَلق الدَّواعي والصَّوارف نحو: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٠٨]، ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ﴾ [الأنعام: ١١٠]، ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)﴾ [التوبة: ١٢٧]، "يا مُصَرِّفَ القُلوبِ صَرِّفْ قلوبَنَا على طَاعَتِكَ" (٢).
وفي الحديث إشارةٌ إلى تعاطي الأسباب للسَّعادة والشَّقاوة، وبها يظهر ما جُبِلَ عليه مِن الخير والشَّر: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]، ثمَّ لا يَنْبَغي له مع ذلك أن يعجب بها خوف احتِبَاطها، ومن لُطْفِ الله تعالى أنَّ انقلابَ الناس مِنَ الخَيْر إلى الشَّر نَادِرٌ، والكثيرُ عكسه "إنَّ رحمَتي سَبَقَت غَضبِي" (٣).
خاتِمَة: الكافر والعاصي يختلفان في التَّخليد وغيره، فالكافر مخلدٌ في النَّار أبدًا، والعاصي المُوَحِّدُ لا يُخَلدُ، وأَمرُهُ في التَّعذيب إلى رَبِّه.
_________
(١) قال الإمام ابن القيم: "ولقدْ قَطَعَ خوفُ الخَاتِمَة ظُهورَ المتَّقين". "الجواب الكافي" (١٠٤).
(٢) روه مسلم (٤/ ٢٠٤٥ رقم ٢٦٥٤) من حديث عبد الله بن عمرو ﵄.
وهذه الفائدة قارنها بـ "التَّعيين" (٨٧، ٩٠).
(٣) رواه البخاري (٩/ ١٢٥ رقم ٧٤٢٢، ٧٤٥٣، ٧٥٥٣، ٧٥٥٤)، ومسلم (٤/ ٢١٠٧ رقم ٢٧٥١) عن أبي هريرة ﵁.
1 / 149