Mubdic Fi Sharh Muqnic
المبدع في شرح المقنع
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Hanbali Jurisprudence
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الطَّهَارَةِ] [مُقَدِّمَةٌ]
ِ بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالْأَئِمَّةِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ آكَدَ أَرْكَانِ الدِّينِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاةُ، وَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ الطَّهَارَةِ، لِأَنَّهَا شَرْطٌ، وَالشَّرْطُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَهِيَ تَكُونُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ، وَالْمَاءُ هُوَ الْأَصْلُ، وَبَدَءُوا بِرُبْعِ الْعِبَادَاتِ اهْتِمَامًا بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَقَدَّمُوهَا عَلَى الدُّنْيَوِيَّةِ، وَقَدَّمُوا رُبْعَ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْمُعَامَلَاتِ وَهُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا ضَرُورِيٌّ يَسْتَوِي فِيهِ الْكَبِيرُ، وَالصَّغِيرُ، وَشَهْوَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى شَهْوَةِ النِّكَاحِ، وَقَدَّمُوا النِّكَاحَ عَلَى الْجِنَايَاتِ وَالْمُخَاصَمَاتِ، لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَهَذِهِ مُنَاسَبَةٌ حَسَنَةٌ ذَكَرَهَا الْمُتَوَلِّي فِي تَتِمَّتِهِ.، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُرَكَّبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْ مُفْرَدَيْهِ، فَالْكِتَابُ وَالْكَتْبُ مَصْدَرَانِ: صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكُتُبٌ يَدُورُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَمْعِ يُقَالُ: كَتَبْتُ الْبَغْلَةَ، إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ شَفْرَيْهَا بِحَلْقَةٍ أَوْ سَيْرٍ، قَالَ سَالِمُ بْنُ دَارَةَ:
لَا تَأْمَنَنَّ فَزَارِيًّا خَلَوْتَ بِهِ ... عَلَى قَلُوصِكَ وَاكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ
أَيْ: وَاجْمَعْ بَيْنَ شَفْرَيْهَا بِحَلْقَةٍ أَوْ سَيْرٍ، وَالْقَلُوصُ فِي الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ فِي النَّاسِ، وَتَكَتَّبَتْ بَنُو فُلَانٍ: إِذَا اجْتَمَعُوا، وَمِنْهُ قِيلَ لِجَمَاعَةِ الْخَيْلِ: كَتِيبَةٌ، وَالْكِتَابَةِ بِالْقَلَمِ كِتَابَةٌ، لِاجْتِمَاعِ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْكِتَابَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْكَتْبِ عَجِيبٌ، لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْتَقُّ مِنْ مِثْلِهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَصْدَرَ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمَكْتُوبُ، كَقَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ نَسْجُ الْيَمَنِ، أَيْ: مَنْسُوجُهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَكْتُوبُ لِلطَّهَارَةِ، وَالْمَكْتُوبُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاشْتِقَاقُ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ اشْتِقَاقُ الشَّيْءِ مِمَّا يُنَاسِبُهُ مُطْلَقًا كَالْبَيْعِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَاعِ، وَهِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الرَّمْلِ الْمُجْتَمِعِ، وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا.
وَأَمَّا الطَّهَارَةُ: فَمَصْدَرُ طَهُرَ يَطْهُرُ بِضَمِّ الْهَاءِ فِيهِمَا كَالضَّخَامَةِ، وَهُوَ فِعْلٌ لَازِمٌ لَا يَتَعَدَّى إِلَّا بِالتَّضْعِيفِ، فَيُقَالُ: طَهَّرَ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْهَاءُ مِنْ " طَهَرَ " فَيَكُونُ مَصْدَرُهُ طُهْرًا دُونَ طَهَارَةٍ كَحَكَمَ حُكْمًا، وَأَمَّا فَعَالَةٌ فَلَمْ يَأْتِ مَصْدَرًا لِفِعْلٍ، وَمَعْنَاهَا لُغَةً: النَّظَافَةُ وَالنَّزَاهَةُ
1 / 20