289

Al-Mubdiʿ fī sharḥ al-Muqniʿ

المبدع في شرح المقنع

Editor

محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ.
ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَهِيَ الْوِتْرُ، وَوَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّمْسِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ إِلَّا فِي الْإِثْمِ، وَعَدَمِهِ، فَالْمَعْذُورُ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيَأْثَمُ بِهِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى أَنَّ الْإِدْرَاكَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ لَهُ ضَرُورَةٌ، كَحَائِضٍ طَهُرَتْ، وَصَبِيٍّ بَلَغَ، وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ، وَنَائِمٍ اسْتَيْقَظَ، وَذِمِّيٍّ أَسْلَمَ، وَألْحقَ ابن عبدوس بِهِ الْخَبَّازُ، وَالطَّبَّاخُ، وَالطَّبِيبُ إِذَا خَشَوْا تَلَفَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يُدْرِكُهَا بِذَلِكَ، بَلْ تَفُوتُ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَتَقَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءً، وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَوَجَّهَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَتَعْجِيلُهَا) فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ» وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ نَنْحَرُ الْجَزُورَ، ثُمَّ يُقَسَّمُ لَحْمُهَا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ تُطْبَخُ فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَالْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا، فَمِنْهَا: مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا أَنَّهُ قَالَ: «الْوَقْتُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَالْوَقْتُ الْآخِرُ عَفْوُ اللَّهِ» وَعَنْهُ: مَعَ غَيْمٍ نَقَلَهُ صَالِحٌ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَفْظُ رِوَايَتِهِ: يُؤَخَّرُ الْعَصْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ، آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدِي مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا.
تَنْبِيهٌ: قَدِ اسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَا لَهُ إِلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ كَالظُّهْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْفَجْرِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَمَالَهُ ثَلَاثَةٌ كَالْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَجَوَازٍ وَضَرُورَةٍ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ لَهَا وَقْتَ فَضِيلَةٍ، وَوَقْتَ اخْتِيَارٍ عَلَى الْخِلَافِ، وَوَقْتَ جَوَازٍ عَلَى قَوْلٍ، وَوَقْتَ كَرَاهَةٍ أَيْ: تَأْخِيرُهَا إِلَى الِاصْفِرَارِ، وَوَقْتَ تَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إِلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَبْقَى مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ.

1 / 301