Mubdic Fi Sharh Muqnic
المبدع في شرح المقنع
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Hanbali Jurisprudence
بِمُكْثِهِ أَوْ بِطَاهِرٍ لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ كَالطُّحْلُبِ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ، أَوْ بِمَا لَا يُخَالِطُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَاءٍ» .
وَأَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَ دَمَ الْحَيْضِ بِالْمَاءِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ الطَّهَارَةِ أَيْضًا بِكُلِّ مَاءٍ شَرِيفٍ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " حَتَّى مَاءِ زَمْزَمَ فِي رِوَايَةٍ، وَرَجَّحَهَا الْمَجْدُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ: «ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَيُكْرَهُ فِي أُخْرَى، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَنَّهَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِمَا رُوِيَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْعَبَّاسَ قَائِمًا عِنْدَ زَمْزَمَ يَقُولُ: أَلَا لَا أُحِلُّهُ لِمُغْتَسِلٍ، وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ شَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ قَالَ ذَلِكَ حِينَ احْتَفَرَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ شَرَفَهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ كَالْمَاءِ الَّذِي نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ ﷺ وَكَالنِّيلِ، وَالْفُرَاتِ، فَإِنَّهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَوْلُ الْعَبَّاسِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ الشَّرَابَ، وَكَوْنُهُ مِنْ مَنْبَعٍ شَرِيفٍ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ، كَعَيْنِ سُلْوَانَ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: لَهُ خُصُوصِيَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا، وَهِيَ كَوْنُهُ يُقْتَاتُ بِهِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ فِي بَدْءِ إِسْلَامِهِ، وَفِي " التَّلْخِيصِ ": أَنَّهُ يُكْرَهُ الْوُضُوءُ بِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ بِهِ تُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي " نِهَايَتِهِ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِهِ، وَفِيهَا يَتَخَرَّجُ أَنْ تَقُولَ: لَا تَحْصُلُ الطَّهَارَةُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَفِي جَبَلِ التُّرَابِ الطَّاهِرِ بِهِ، وَرَشِّ الطُّرُقِ وَجْهَانِ. وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ، هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْغُسْلُ لَا الْوُضُوءُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُكْرَهُ مَا جَرَى عَلَى الْكَعْبَةِ، وَصَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
(وَمَا تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْآجِنَ الَّذِي تَغَيَّرَ بِطُولِ إِقَامَتِهِ فِي مَقَرِّهِ بَاقٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ، لِأَنَّهُ ﵇ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ آجِنٍ، وَلِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ، أَشْبَهَ الْمُتَغَيِّرَ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ مَنْ يَحْفَظُ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَى ابْنِ سِيرِينَ فَإِنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرِّعَايَةِ " وَفِي " الْمُحَرَّرِ " لَا بَأْسَ بِهِ. (أَوْ) تَغَيَّرَ (بِطَاهِرٍ لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ) أَيْ: لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (كَالطُّحْلُبِ) يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ اللَّامِ وَفَتْحُهَا، وَهُوَ النَّبْتُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي أَسْفَلِ الْمَاءِ حَتَّى يَعْلُوَهُ، (وَوَرَقِ الشَّجَرِ) الَّذِي يَسْقُطُ
1 / 24