ومن ذلك أن الحسن بن علي ﵄ دخل مرة على معاوية فقال له: «مرحبًا وأهلًا بابن رسول الله ﵌، وأمر له بثلاثمائة ألف» (١).
وهذا مما يقطع بكذب ما ادُّعِيَ في حق معاوية من حمله الناس على سبِّ علي ﵄، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم.
الخامس: ماذا يمكن أن يقال في إجماع المسلمين على أنه لا يجوز لعن المسلم على التعيين؟
هل يكون هذا الحكم غائبًا عن معاوية ﵁؟
وكيف نفسر ما نقله صاحب العقد الفريد من أن معاوية أخذ بيد الحسن بن علي في مجلس له، ثم قال لجلسائه: «مَن أكرم الناس أبًا وأمًا وجدًا وجدة؟».
فقالوا: «أمير المؤمنين أعلم».
فأخذ بيد الحسن وقال: «هذا أبوه علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة ﵂ بنت محمد ﵌، وجده رسول الله ﵌، وجدته خديجة ﵂».
وأخيرًا:
لنستمع إلى ما رواه أبو نعيم عن أبي صالح قال:
«دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له معاوية: «صف لي عليًا».
فقال ضرار: «أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟».
قال معاوية: «لا أعفيك».
قال ضرار: «أما إذ لابدّ، فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلًا ويحكم عدلًا، ويتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من
(١) البداية والنهاية (٨/ ١٤٠).