64

مجمل أصول أهل السنة

مجمل أصول أهل السنة

Genres

قاعدة عصمة الأمة وعصمة الأفراد قال المؤلف حفظه الله تعالى: [ثامنًا: العصمة ثابتة للرسول ﷺ، والأمة بمجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، وأما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الكتاب والسنة، فما قام عليه الدليل قبل مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة]. هذه قاعدة تتعلق بحماية الدين، وسبق أن قلنا: إن الدين قد أكمله الله ﷿، وأنه ليس لأحد أن يأتي بشيء زاعمًا أنه من الدين، والعصمة هي اعتقاد أن الإنسان يقول الحق جزمًا، ولا يمكن أن يرد في كلامه أي احتمال للخطأ العصمة بأن يكون القول والفعل دينًا، وهذا لا يمكن أن يكون إلا الرسول ﷺ المعصوم من أن يقول على الله أو أن يتطرق إلى قوله نقص أو زيادة تخرجه عما أراده الله، أو أن يقع في محذور شرعي، كأن يقع في كبيرة أو أمر يتنافى مع كرامة النبي ﷺ أو الأخلاق الفاضلة. إذًا: العصمة للنبي ﷺ في الدين وفي الأخلاق وفي جميع الأصول التي تقتضي كمال الدين، فإن النبي ﷺ هو وحده المعصوم، أما بقية الناس فلا عصمة لهم حتى العلماء وكبار الصحابة، فقد يرد إليهم الخطأ؛ لأنهم ليسوا مصدر دين ومصدر تشريع، إنما النبي ﷺ هو المعصوم؛ لأنه المشرع، فلا يتطرق إلى أقواله وأفعاله الباطل إطلاقًا. فإذًا: العصمة للرسول ﷺ فقط، وأيضًا الأمة في مجموعها معصومة، فلا تخرج الأمة كلها عن الخطأ، بل يبقى منها ولو عدد قليل على الصواب، فهي لا تجتمع على خطأ، لكن لا يمكن أن تتفق كلها على الصواب؛ لأنهم بشر يخطئون ويسهون وينسون ويبتدع بعضهم وينحرف بعضهم وتقع فيهم السبل، لكن لا بد أن تبقى طائفة ولو قليلة على الحق، وهذا معنى قول النبي ﷺ: (لا تجتمع أمتي على ضلالة)، فلو أن البدع والأهواء كثرت فلا يعني ذلك أن الأمة تجتمع على البدع والأهواء، ولو طائفة قليلة حتى في زمن الغربة، فالنبي ﷺ سمى أهل السنة أثناء الغربة بالغرباء، لكنه مع ذلك وصفهم بأنهم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم)، فهؤلاء الظاهرون هم الذين تحققت بهم عصمة الأمة، ألا تجمع على ضلالة. فإذًا: الأمة معصومة في مجموعها أن تقع في ضلالة، لا أما آحادها جماعاتها فرقها مذاهبها فقد يقع الخطأ من أحدهم أو من بعض فئاتهم، فلا عصمة لأحد منهم.

2 / 21