Missions in the Rules of Inheritance
مهمات في أحكام المواريث
Genres
مهمات في أحكام المواريث - فضل علم المواريث
إن علم المواريث من أهم العلوم الشرعية، وقد حض الشارع على تعلمه وبين أنه أول العلوم اندراسًا، فكان لزامًا علينا تعلمه وتعليمه، لأهميته وفضله ومكانته؛ لأنه يتعلق بحقوق الناس.
1 / 1
مقدمة في فضل علم المواريث وأهميته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدًا أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
نبدأ الآن الكلام على المواريث علم المواريث علم دقيق، وعلم جليل، إذا ضاع من المرء ضاع منه العلم؛ لأن النبي ﷺ بين في الآثار الصحيحة أن أول العلوم اندراسًا واندثارًا هو علم المواريث، أو علم الفرائض.
وعلماؤنا دائمًا عندما يرتبون العلوم يقولون: أولًا: حفظ القرآن، ثم علم المواريث، فكانوا في مجالس التحديث لا يكتبون في الذي حضر مجلس التحديث حتى يُعرف بين طلبة الحديث أنه قد حفظ القرآن، ثم تعلم المواريث ولذلك كانوا إذا جلس معهم الفتى للحديث قالوا له: هل تعلمت القرآن؟ فإذا قال: لا، قالوا: ارجع وتعلم القرآن، وإذا حفظ القرآن.
ثم رجع بعد ذلك، قالوا له: هل تعلمت الفرائض؟ فإن قال: لا.
قالوا: ارجع فتعلم الفرائض.
وأيضًا ورد عن عمر بن الخطاب: أنه لما بعث عامله إلى مكة، ثم رجع إليه، فقال له: من تركت عليهم؟ قال: تركت مولى من مواليهم قال: أتركت عليهم مولى؟! قال: نعم، إنه يحفظ القرآن، وعنده العلم بالفرائض، فقال عمر بن الخطاب: أما إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويخفض به آخرين).
فهذا العلمُ علم جليل.
تكفل الله ببيانه وإيضاحه؛ لأن أهل الجاهلية كانوا ظالمين في أحكامهم، فكانوا يظلمون النساء، والأطفال، كانوا لا يورثون إلا الذي يستطيع أن يأتي بالغنيمة، -أي: المقاتل- وهو الرجل البالغ، فلا يورثون النساء، ولا الصبيان.
فجاء الشرع ببيان إرث الجنين في بطن أمه.
1 / 2
آيات المواريث وبيان طبقات الوارثين
لقد ذكر الإرث في كتاب الله في حوالي خمس أو ست آيات، وحديث واحد، فمن أتقن هذه الآيات الخمس والحديث فتحت له أبواب المواريث.
وهذه -إن شاء الله- سنبينها بالتفصيل، لكن إجمالًا نقول: إن الله قد وضع المواريث في كتابه، أو نقول: قد قسم الإرث في كتابه وعلى لسان نبيه ﷺ، أما في الكتاب: فمن أول قول الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ [النساء:١١]، إلى آخر الآيات.
وأيضًا آخر السورة نفسها: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:١٧٦].
وأما الحديث فهو: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر).
هذه الآيات والحديث تبين كيف قسم الله جل في علاه المواريث، فهذا الرجل جمع المال ثم مات، إذًا: كيف نورث هذا المال أهله؟ فنقول: هذا الميت فوقه الأصول وتحته الفروع وحواليه الحواشي، فيصبح الذين سيرثون ثلاث طبقات -طبقة الأصول، وطبقة الفروع، وطبقة الحواشي- وطبقة الحواشي تكفل الله بها وفصلها كما سنبين الحديث الذي ذكر ميراثها؛ وذلك لأن طبقة الحواشي يتفرع عنها فرعان: الأول: الإخوة والأخوات.
ولهم حالات -كما سنبين-.
الثاني: الأعمام وأبناؤهم.
فإذا سئلنا فكيف نورث هؤلاء؟ نقول: نقدم الأقوى فالأقوى.
فإذا سئلنا: هل الأقوى الأصول أم الفروع أم الحواشي؟ نقول: الفروع أقوى؛ لأن الفرع جزء من الميت، وهو من الأصل، والترتيب هكذا: بنوة أبوة أخوة عمومة وذو ولاء استتم
1 / 3
طبقة الفروع وحالاتها
والفروع لهم ثلاث حالات: الحالة الأولى: ذكور خلص، لا يوجد معهم نساء.
الحالة الثانية: إناث خلص، لا يوجد معهم أحد من الرجال.
الحالة الثالثة: رجال ونساء.
فالذكور الخلص لم يذكر الله لهم فرضًا في كتابه.
والقاعدة في المواريث: (كل من لم يذكر الله له فرضًا في الكتاب فهو معصب، أي: لا يرث إلا بالتعصيب)، وهذا ينزل تحت قول النبي ﷺ: (فما بقي فلأولى رجل ذكر)، فلو مات ميت عن بنت وأم، فالبنت لها النصف، والأم لها السدس لوجود الفرع الوارث، والأب له فرض السدس ويرث أيضًا بالتعصيب.
فنأخذ بقول النبي ﷺ: (فما بقي فلأولى رجل ذكر).
وقد يعطي الأب الفرض فقط وذلك في حالة: لو زحمه أصحاب فروض، ولم يزاحمه أحد من المعصبين، وإن كان هو المعصب الوحيد فيأخذ بالأقوى.
وهو التعصيب أي: فيأخذ الباقي كلية تعصيبًا.
فأما الإناث الخلص فلهن أحوال: إما أن نكون بنتًا واحدة أو بنتين أو أكثر من بنتين: الحالة الأولى: بنت واحدة، لقد قسم الله لها قسمًا عدلًا وهو النصف، قال الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾ [النساء:١١].
الحالة الثانية: بنتان فقط وإرثهما بالكتاب وبالسنة.
أما الكتاب، فقول الله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ [النساء:١١] وهو وإن لم يذكر البنتين بالنص، لكن الاستدلال بالمفهوم لا بالمنطوق.
وبيانه بالآتي: قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾ [النساء:١١]، فيكون مفهومه: إن كانت أكثر من واحدة فليس لهن النصف.
ونجد في السنة أن النبي ﷺ قد قسم للبنتين الثلثين، فيكون إذًا للبنتين فأكثر الثلثان.
وقد ورد في السنن (أن النبي ﷺ أعطى الأم الثمن والبنتين الثلثين، وأعطى الباقي للعم تعصيبًا)، فإذًا بالمفهوم في الآية، وبنص الحديث فرض البنتين الثلثان.
الحالة الثالثة: أكثر من بنتين، الآية ظاهرة في ذلك قال تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ [النساء:١١]، فإذًا لهن الثلثان.
إذًاَ: هذه حالات الإناث الخلص، ويبقى لنا من الكلام في الفروع حالة: التخليط بين الذكور والإناث.
فالإناث مع الذكور لا فرضية، وإنما تعصيب، وهذا التعصيب قد قسمه الله فجعل حظ الرجل مثل حظ امرأتين، قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:١١]، فإذا كان هناك ذكور وإناث فنعطي الرجل نصيب امرأتين، فتكون الآية تكفلت لنا بالفروع بأحوالها الثلاثة، ذكور خلص، إناث خلص، ذكور وإناث.
1 / 4
طبقة الأصول وحالاتها
وبعد الفروع في القوة الأصول، والأصول هم: الآباء وإن علوا، وقد قسم الله لهم قسمة عدل في كتابه.
ولهم ثلاث حالات: الأب والأم دون وجود الفرع الوارث، هذه الحالة الأولى.
الحالة الثانية: مع وجود الفرع الوارث.
الحالة الثالثة: وجود الإخوة دون الفرع الوارث.
فالحالة الأولى: وجود الأصل مع وجود الفرع الوارث، قسم الله لهم قسمًا عدلًا فقال: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ﴾ [النساء:١١]، إذًا: البنت لها النصف.
وهذا فرع وارث.
فما ميراث الأبوين؟ قال: السدس.
فإذا مات رجل عن بنت وأب وأم، فالبنت لها النصف، والأم لها السدس، وسدس للأب، والباقي يأخذه الأب تعصيبًا.
الحالة الثانية: عدم وجود الفرع الوارث، قال: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء:١١]، فجعل للأم الثلث، ولم يجعل للأب شيئًا، والقاعدة: (إن لم تجد ذكرًا فرض له في القرآن فاعلم أنه سيرث بالتعصيب) يعني: له الباقي.
إذًا: ترث الأم الثلث ويأخذ الأب الباقي تعصيبًا.
الحالة الثالثة: عدم وجود الفرع الوارث مع وجود الإخوة قال: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء:١١]، ذكر هنا الإخوة، فهنا حجب الإخوة الأم من الثلث إلى السدس، وهذا الحجب يسمى عند أهل الفرائض: (حجب نقصان) فحجبوا الأم من الثلث إلى السدس.
فورثت الأم السدس، وأصبح الباقي كله للأب تعصيبًا.
والإخوة ليس لهم شيء مع وجود الأب، وهو الراجح الصحيح في إرثهم مع الجد، والمعترك قوي بين أهل العلم في هذه المسألة: أي: مسألة الجد مع الإخوة.
إذًا: فالأب سيحجبهن ولن يرثن، وهذا عجب في المواريث.
كذلك الأخوات لا يرثن لوجود الأصل الذكر؛ فإنهن لا يرثن كما سنبين إلا بشرطين، وهما: عدم وجود الأصل الوارث، وعدم وجود الفرع الوارث الذكر.
1 / 5
طبقة الحواشي وحالاتها
بعد الأصول في القوة الحواشي، والحواشي: إخوة، وأخوات، وأعمام وأبناؤهم.
والقاعدة في المواريث؛ (لا ترث أي امرأة من الحواشي باستثناء الأخوات لكن الرجال فقط يرثون).
والحواشي لهم خمس حالات: الحالة الأولى: الإخوة والأخوات، والإخوة إما أن يكونوا إخوة لأم، أو إخوة لأب، أو إخوة أشقاء، فإن كانوا إخوة أشقاء ذكورًا وإناثًا فيرثون للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإذا مات شخص عن إخوة أشقاء وهم: محمد وأحمد وهند وزينب، وترك ملايين النقود قلنا: ذكر التوريث لهم في آخر سورة النساء؛ لأن هذا كلالة ليس له ولد، وليس له والد، أي: ليس له أصل ولا فرع، فلا يوجد له غير الحواشي: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ﴾ [النساء:١٧٦]، إلى أن قال: ﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:١٧٦].
فيكون التقسيم هنا للذكر مثل حظ الأنثيين.
الحالة الثانية: إخوة وأخوات لأم، فإن كانت أختًا سيكون لها السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فلهم الثلث، ويرثون بالسوية للذكر مثل الأنثى.
فإذا ماتت امراة عن محمد وهند وزينب وهم إخوة وأخوات لأم، فإنهم يرثون بالسوية بين الذكر والأنثى، أما الأشقاء فيرثون للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن الأشقاء يدلون بالذكر، أما الإخوة لأم فيدلون بالأم.
والعصبة هي التي تفرق وتجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، فعندما عدمت العصبة في الإخوة لأم تساوت الفروض، والتقسيم للذكر وللأنثى بالسوية.
هناك فرق بين الإخوة الأشقاء، والإخوة لأم: الفرق الأول: أنه لا تقسم التركة بالسوية بين الذكر والأنثى الأشقاء، وإنما للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما الإخوة لأم فيقسمون التركة بالسوية.
الفرق الثاني: أن الإخوة الأشقاء يأخذون كل التركة: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:١١]، أما الإخوة لأم فلا يأخذون إلا الثلث.
الحالة الثالثة: الإخوة الأب وهم مثل الأشقاء لا فرق بينهم.
الحالة الرابعة والخامسة: الأعمام وأبناء الأعمام وأبناء الإخوة، وهؤلاء لا يرث منهم إلا الرجال فإذا قيل هؤلاء كيف يرثون؟ ومن الذي أعطاهم الإرث؟ قلنا: أعطاهم النبي ﷺ، بقوله في الحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر).
فإذا مات رجل عن بنت وعم فالبنت لها النصف والعم يأخذ باقي التركة تعصيبًا، بدليل: (ألحقوا الفرائض)، وقد ألحقنا الفرائض بأهلها فأعطينا النصف للبنت.
وبقي النصف الآخر، ولا يوجد رجل ذكر عصبة إلا العم فأخذه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
1 / 6
مهمات في أحكام المواريث - أقسام الدين
لقد شرع الإسلام للإنسان أحكامًا تنظم حياته، وشرع أحكامًا تنظم ما يترك من التركة بعد وفاته، وأناط بالتركة حقوقًا وواجبات ينبغي تأديتها قبل توزيع أي جزء من التركة، وهذا يدل على عدل الإسلام ومراعاته لحقوق الناس.
2 / 1
معنى التركة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: التركة: هو المال الذي يتركه الميت أو يخلفه لمن يرثه، وهم الأولاد الفروع وإن نزلوا، والآباء الأصول وإن علوا، والحواشي وهم الإخوة الأخوات.
2 / 2
الحقوق المتعلقة بالتركة
2 / 3
الدين ومؤنة تجهيز الميت
ويتعلق بالتركة حقوق، ولا يمكن أن توزع التركة والميراث قبل وجود ومعرفة هذه الحقوق، وكثير من الإخوة يقعون في الإثم والمحظور فيوزعون التركة دون أن ينظروا إلى هذه الحقوق.
والحقوق التي تتعلق بالتركة أربعة: أولًا: الدين.
ثانيًا: مئونة تجهيز الميت.
ثالثًا: الوصايا.
رابعًا: الإرث.
وتكون من التركة، وتقدم قبل أن توزع، وتقدم أيضًا على الديون وهذا قول الحنابلة، فهم يرون أن حق الميت كحقه حيًا، والأئمة الثلاثة قالوا: بل الديون تقدم، وهذا الراجح الصحيح من الأثر والنظر.
أما من الأثر فإن النبي ﷺ قام يصلي على رجل فاستدار قبل أن يكبر فسأل: أعليه دين؟ قالوا: نعم، فقال: أترك وفاء، فقالوا: لا، قال: صلوا على صاحبكم، وهذا أول ما يبين عظم حق الدين.
والنبي ﷺ بين أن الشهيد يغفر له كل ذنب عند أول دفعة من دمه إلا الدين، قال: (سارني بذلك جبريل ﵇، فلعظم الدين يقدم على مئونة تجهيز الميت، لا سيما أن مؤنة التجهيز واجبة على أوليائه وعلى الورثة، فإن لم يستطيعوا فهي واجبة على ولي الأمر، وعلى بيت مال المسلمين، فلطالما أن لها مخارج، فلا بد أن يقدم الدين، وهذا هو الصحيح.
2 / 4
أقسام الدين
أقسام الدين ثلاثة: الأول: دين لله كالصيام والزكاة، والنذر، والحج وهي عبادة بدنية وعبادة مالية.
الثاني: ديون الخلق، وهناك ديون تتعلق بعين التركة ومثال ذلك: رجل ترك مالًا لأولاده، وهذا المال يمكن أن يكون سيارات، أو عقارات أو أراضي، أو زروعًا وثمارًا، أو دراهم ودنانير.
فكان المتوفى قد استدان دينًا يحتاجه، فرهن الأرض مثلًا عند صاحب الدين، فيبقى الدين متعلقًا بعين التركة، أو تكون السيارة رهنًا عند أحد، فهذا اسمه دين متعلق بعين التركة.
وديون مرسلة: أي: ديون معروفة وفيها شيكات، لكن لا يوجد رهونات، فهو لم يرهن شيئًا وتسمى هذه الديون غير متعلقة بعين التركة.
أما بالنسبة لما يقدم في السداد: دين الخالق أم دين الخلق، فقد اختلف العلماء، فالجمهور يرون دين الخلق يقدم على دين الخالق؛ لأن الأصل في حقوق الخلق المشاحة وعدم المسامحة، ولذلك قال النبي ﷺ: (من كانت له عند أخيه مظلمة فليتحلل)؛ لأنه لا يمكن أن تزول قدمه من عند الله جل في علاه حتى يُقتص منه لصاحبه، قالوا: ولذلك قدمنا ديون الخلق.
أما الشافعية فقالوا: يتقدم حق الخالق، وعندنا دليل من الأثر، أثر يقدم حق الخالق على حق المخلوق، ففي الصحيحين عن النبي ﷺ (لما جاءت المرأة تقول: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم أفأصوم عنها -وفي رواية أمي ماتت وعليها حج- أفأحج عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين هل كنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا الله، فالله أحق بالقضاء) وهذا النص (أحق) تدل على أنه لا بد أن يقدم.
والقولان فيهما قوة عظيمة جدًا والراجح الصحيح: حق الخالق يقدم على حق المخلوق، وإن لم يف من التركة حق المخلوق، فيرضي الخالق المخلوق عن هذا المدين يوم القيامة عنه.
2 / 5
الوصية
ثالثًا: من الحقوق المتعلقة بالتركة: الوصايا، وتوزع الوصايا بعد الانتهاء من الدين، وقد يقول قائل: كيف توزعون الدين قبل الوصية وقد قال الله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء:١١]؟ فبهذا تكونون قد خالفتم النص القرآني.
و
الجواب
أن علي بن أبي طالب قال: (قضى رسول لله بالدين قبل الوصية) وقضاء الرسول فيه حجة على التقديم والتأخير، الرسول بقضائه فأعلمنا مراد الله من الآية حيث قدم الدين على الوصية، وقد أجمعت الأمة على أن تقسيم عين التركة لا يكون إلا بعد قضاء الدين ثم الوصية.
والحكمة من تقديم الدين على الوصية ظاهرة جدًا، وهي أن الوصية مستحبة، والدين واجب السداد، والقاعدة العمومية: أن الواجبات تقدم على المستحبات، أما الوصية لوارث فلا تجوز، فقد قال رسول الله ﷺ: (قد أعطى الله لأهل الفروض حقهم، فلا وصية لوارث).
والصحيح الراجح في ذلك أن الوصية للوارث كانت معتبرة قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ﴾ [البقرة:١٨٠].
ووجه الشاهد قوله: (للوالدين) ثم نسخت بقول الرسول ﷺ: (لا وصية لوارث) فالوصية لوارث محرمة إلا أن يجيزها الورثة، ودليل ذلك: حديث الدارقطني قال رسول الله ﷺ: (ألا أن يجيز الورثة) وهذا الحديث فيه تصريح بذلك.
أما الوصية لغير الوارث فهي الأصل، لكن لا بد أن تحدد أولًا بالثلث لتصح، فقد جاء في حديث سعد عندما قال له: (أأترك أتصدق بشطر مالي؟ قال له: لا، الثلث، والثلث كثير).
والصحيح الراجح: أنها تكون بالثلث.
الحالة الثانية: الوصية بما فوق الثلث فلا تصح إلا أن يجيز الورثة أو بالإجماع على أن من كان له حق فأسقطه صح ذلك.
2 / 6
حالات إرث الزوج من الزوجة
حالات إرث الزوج من الزوجة: إذا ماتت الزوجة عن زوجها، فلها حالتان: فالحالة الأولى: إذا كان لها ولد، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ﴾ [النساء:١٢].
الحالة الثانية: ليس لها ولد، فله النصف مما تركت، ولم يفصل إن كان الولد من الزوج أو من غيره فهو على العموم.
2 / 7
مهمات في أحكام المواريث - ميراث الزوج
الميراث له أركان وأسباب وموانع، فلا يتحقق الميراث حتى تتحقق أسبابه وتنتفي موانعه، وإذا توفرت الأسباب ووجدت الموانع قدمت الموانع على الأسباب.
3 / 1
أركان الإرث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فإن الإرث له أركان وشروط وأسباب وأقسام.
وأركان الإرث ثلاثة: الركن الأول المورث.
والركن الثاني: الوارث.
والركن الثالث: الموروث.
3 / 2
شرط المورث
فالركن الأول: المورث هو صاحب التركة، ولا بد أن تتوفر فيه شروط حتى نأخذ ماله، الشرط الأول: الموت حقيقة، أو حكمًا.
فمثلًا: رجل عنده خمسة أولاد وعنده تركة، فكل واحد منهم يريد من هذا المال فينتظر موت الوالد ليأخذ المال، فلا يستطيع أن يأخذ المال حتى يموت هذا الوارث حقيقة أو حكمًا، كأن يكون مفقودًا، كأن يذهب مثلًا في سرية ليقاتل، فيرجع القوم ولا يرجع هو، ولا يعلم أحد من السرية أمات هو أم لا يزال حيًا.
والدليل على اشتراط موت المورث حقيقة أو حكمًا، قول الله تعالى: ﴿إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء:١٧٦]، يعني: مات، فإذًا المال لا ينقل من المورث إلى الوارث إلا إذا مات المورث حقيقة أو حكمًا.
3 / 3
شروط الوارث
أما الركن الثاني وهو الوارث، فيشترط فيه شرط واحد ليتملك الإرث، وهو: الحياة بعد ممات المورث ولو لحظة واحدة، وهذا شرط مهم جدًا.
فإذًا: الوارث لا يستحق المال أبدًا إلا أن تكون له حياة مستقرة ولو لحظة واحدة بعد موت المورث.
فمثلًا: رجل معه ابنه وكانا في سفر، وكان الرجل من الأغنياء ومن الأعيان، وكانا في السيارة فقدر الله لها بحادث، فمات الأب وجاء الطبيب ينظر للابن فوجد فيه دقات القلب، فأخذه إلى المستشفى فمات بعده بيوم، فجاء أولاد الميت الولد يسألون هل لأبيهم ميراث أم لا؟ فنقول: نعم.
ولكن لو مات الابن قبل أبيه فليس له شيء من الميراث.
لأولاد الابن ميراث، فلابد من اشتراط الحياة ولو لحظة واحدة بعد موت المورث.
ولكن الأحناف يقولون بالوصية الواجبة، وهي أن أولاد الابن لهم حق في أموال جدهم الذي مات بعد موت والدهم، وهذا القول هو الذي تعمل به المحاكم، وهذا مخالف ومصادم للشرع.
والدليل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء:١٢]، فاللام هنا لام التمليك، ولا يتملك أحد إلا وهو في حال الحياة، ففي هذا دلالة على أنه يشترط في الوارث الحياة؛ لأنه لا يتملك إلا إذا كان حيًا.
الركن الثالث: الموروث، وهو التركة.
3 / 4
أسباب الإرث
أسباب الإرث ثلاثة: النسب، والنكاح أو المصاهرة، والولاء.
والنسب هو القرابة، والأقارب يرثون بالفرض والتعصيب، وما كان سببه النكاح فإنه يرث بالفرض فقط لا بالتعصيب، والولاء هو كالنسب؛ لأن النبي ﷺ بين أن الولاء لحمة كلحمة النسب.
فإذًا أسباب الإرث ثلاثة: النسب وهي القرابة، والنكاح وهي المصاهرة، والولاء لقول النبي ﷺ: (إنما الولاء لمن أعتق).
ومعنى الولاء أن الرجل يكون رقيقًا، فيعتقه سيده، فإذا مات السيد ولا وارث له، فيرثه المعتق لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، أو مات المعتق ولا وارث له، فيرثه سيده الذي أعتقه.
فيرث بالتعصيب، لحديث: (فلأولى رجل ذكر)، والله جل وعلا لم يقسم للمعتق نصيبًا مفروضًا في كتابه، فينزل تحت قول النبي ﷺ: (فلأولى رجل ذكر).
3 / 5
الفروض المقدرة في كتاب الله
وأقسام الإرث: الفرض والتعصيب.
والفروض في القرآن هي: النصف والربع والثمن والسدس والثلث والثلثان، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ﴾ [النساء:١٢]، إلى آخر الآيات.
فالنصف نصفه ربع، ونصف نصفه ثمن، ثم الثلثان ونصفهما ثلث، ونصف نصفهما سدس.
فالفرض هو النصيب المقدر المعلوم في كتاب الله جل في علاه.
والتعصيب نصيب غير مقدر.
وإذا بدأنا في التوريث سنبدأ بما بدأ الله به، وقد بدأ الله بأصحاب الفروض والدليل على ذلك، قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ [النساء:١٢]، ومن الحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)، فهذا أمر يقتضي الوجوب، وسنبدأ بأهل الفرائض، ونبدأ بالمصاهرة وهي الزواج.
3 / 6
الفروض المقدرة للزوج
أولًا: الزوج يرث بالفرض فقط، والزوج له حالتان: الحالة الأولى: عدم وجود الفرع الوارث للزوجة، والفرع الوارث، هو: الابن وإن نزل، سواء كان ذكرًا أو أنثى، فيكون الفرع الوارث هم: الابن وابن الابن وإن نزل، والبنت وبنت الابن وإن نزلت، كبنت ابن ابن ابن.
فإذا لم يوجد الفرع الوارث للزوجة، فيرث الزوج منها النصف، والدليل على ذلك، قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ﴾ [النساء:١٢].
وسواء كان الولد منه أو من غيره، لعموم قول الله تعالى: ﴿إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ﴾ [النساء:١٢]، فـ (ولد) هنا نكرة، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم؛ فتعم كل الأولاد، سواء كانوا من الزوج نفسه أو من غيره، كامرأةٍ تزوجت أربعة، وأنجبت من كل واحد منهم ولدًا، وجاءت إلى الخامس فلم تنجب منه أحدًا ثم ماتت، فللزوج الربع فقط لوجود الفرع الوارث للزوجة وإن لم يكن منه.
فإن وجد الفرع الوارث للميت فللزوج الربع، فمثلًا: ماتت امرأة عن بنت ابن وزوج وأب، فالزوج يستحق الربع لوجود الفرع الوارث وهو بنت الابن.
والحالة الثانية: وجود الفرع الوارث للميت، فللزوج الربع، لقول الله تعالى: ﴿إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ﴾ [النساء:١٢].
فيكون إذًا للزوج حالتان: الحالة الأولى: وجود الفرع الوارث، فله الربع.
الحالة الثانية: عدم وجود الفرع الوارث فنصيبه النصف.
3 / 7