بوغت بقوله، ولهجته الوقحة، وهتفت به: أنت مجنون!
فصاح بي: أنت جبان!
فقدت صوابي فلطمت وجهه بظهر كفي. وإذا به يهوي براحته الكبيرة على خدي. وتبادلنا الضرب بلا وعي ولا رحمة حتى فرق الواقفون بيننا. انفصلنا ونحن نتبادل أقذع الشتائم. وسرت وقتا على غير هدى وأنا أسائل نفسي عمن وضع تلك الفكرة الخبيثة في رأسه الخاوي.
وقد مضى زمن طويل قبل أن أراه مرة أخرى. دخلت آنذاك لأتناول عشاء خفيفا في مطعم بنايوتي فوجدته جالسا في مقعد صاحب المحل وراء صندوق الماركات. هممت بالتراجع فوثب من مجلسه إلي ثم احتواني بين ذراعيه وهو يقبل رأسي، وأبى إلا أن يدعوني للعشاء على حسابه. واعتذر إلي عما سلف ثم اعترف لي بأن حسني علام هو الذي افترى علي تلك الكذبة. ••• - عزيزتي .. أرجو ألا تعلم زهرة بما بيننا!
كنا نجلس على شاطئ المحمودية بكازينو البالما تحت الشعاع الدافئ. وكان اتصالها المنتظم بزهرة يقلق خيالي. إنها لا تدري شيئا عن الأسباب الحقيقية التي ساقت زهرة إلى التتلمذ عليها، كما أن زهرة لا تتصور أن مدرستها قررت الاستيلاء على رجلها. وقد رمقتني علية بارتياب وهي تسأل: لم؟ - إنها ثرثارة! .. والثرثرة غير مستحبة في اللحظة الراهنة من علاقتنا.
لم تزايل الريبة نظراتها وقالت: ولكن علاقتنا ستعرف عاجلا أو آجلا.
فقلت بصراحة فجة: يخيل إلي أحيانا أنها تنظر إلي نظرة خاصة.
قالت وهي تبتسم ابتسامة شاحبة فاترة: لعل لديها من الأسباب ...
فقلت بجدية: جميع النزلاء يمازحونها أحيانا، وقد فعلت مثلهم، هذا كل ما هنالك.
كانت العلاقة قد تطورت من ناحيتها إلى حب. ولم يكن يهمني أن تصدقني بالكامل بقدر ما يهمني أن تأخذ حذرها من زهرة! وإذن فقد انتصر العقل على القلب ولم يبق إلا أن أعلن الخطبة. على ذلك ترددت، وجعلت أؤجل اليوم الموعود بحجة الرجوع إلى القرية ليلعب الأهل دورهم التقليدي. وكلما مر يوم توترت مشاعري حيال زهرة وحز في نفسي غدري المخزي بها. وكنت أتنهد بحسرة وأقول: آه لو تلين .. لو تذعن .. فأهبها قلبي إلى الأبد. •••
Unknown page