واختلفوا في النسخ أيضا، فقال قوم: المنسوخ ما رفع تلاوته، وتنزيله، كما رفع العمل به، وقال آخرون: إن النسخ لا يقع علي قرآن قد نزل، وتلي، وحكم النبي (صلي الله عليه وسلم) بتأويله، ولكن النسخ: ما أبدل الله منه في حكمه من التفسير الذي أزاح عنه ما كان يجوز أن يمتحنهم به من الأمور الشداد، والأمور العظام التي تعهد بها من كان قبلهم من الأمم، وففي هؤلاء أن يقولوا: إن الله جل ذكره لا ينسخ شيئا بعد نزوله، وبعد أن عمل به المؤمنون عن ربهم بحضرة نبيهم (صلي الله عليه وسلم)، وزعموا أن من وصف الله بذلك؛ فقد وصفه بما لا يليق به.
وقال آخرون: إنما الناسخ والمنسوخ هو أن الله جل ذكره نسخ القرآن من اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب، والنسخ لا يكون إلا من أصل.
وقال آخرون: بل يجوز أن ينسخ قرآنا نزله، وأن يبدل آية أخري بضد ما نزلت به، فتتلي الآية الأولي؛ كما كانت تتلي، ويكون العمل علي الأخرى ويجوز أن يرفع الله تلاوة الأولي؛ كما رفع العمل بها.
واختلفوا أيضا من وجه آخر. فقال قوم: لا ينسخ القرآن إلا بقرآن مثله، واحتجوا بقول الله تبارك وتعالي: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " ولا يكون ما ليس بقرآن خيرا من القرآن.
وقال آخرون: بل السنة ننسخ القرآن، والقرآن لا ننسخ السنة، وقال آخرون: إذا كانت السنة بأمر من الله من طريق الوحي، وإن لم يكن ما أوحي به فيها قرآنا، فإنها ننسخ القرآن، وإذا كانت على طريق الاجتهاد، والرأي؛ فإنها لا ننسخ [القرآن]، بل لم يكن للنبي (صلي الله عليه وسلم) ليجتهد في أمر محكم بخلاف ما في القرآن، بل للأمر حكم الاجتهاد، وفيها منه حكم متعين.
Page 202