167

Minhaj Talibin

منهج الطالبين

Genres

فإن قال قائل: من أين جاز أن يعاد قصص الأنبياء (عليهم السلام)، و [أن] يعاد ذكرها في القرآن؟ فيقال له: إن الله جل ذكره، له في إعادتها حكمة لطيفة، وهي: إن الرجل؛ إذا سمع الموعظة، ثم لم يعد عليه ذكرها خفي عليه قدرها، وذهب عنه وصفها؛ فإذا وعظ بها مرة صارت نصبا لخاطرة وفكره، ووقفا على همه وذكره؛ ولذلك صارت الخطباء تعيد الموعظة الواحدة في كل مقام، ومشهد، وتردد القصة في كل محفل، ولا يسمي ذلك عتيا.

وروي عن النبي (صلي الله عليه وسلم) أنه كان يردد الآية من القرآن مرارا قال الله تعالي: " ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "؛ فتكون قراءة النبي (صلي الله عليه وسلم) مرة واحدة [غير] مجزية من إعادة ذكرها حالا بعد حال.

[وقد] ذم [الله] من يمر بالآيات، ولا يتدبرها، ويري المعجزات، ولا يتأملها، قال الله جل ذكره: " وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ".

وقيل: إن تكرار القصص في القرآن بخروجها إلى المواضع المختلفة، ودخول الناس في الإسلام من أهل المواضع القاصية قوما بعد قوم؛ فاحتج بما عليه فصحاء العرب من الخطباء، والشعراءأ: أنهم يعيدون الخطبة، والشعر؟ ليعمه من لم يسمعه، ولو لم يعذ ذلك لفات المأخر، ولم يسمعه إلا من شاهده من أله، وهذا وجه من الصواب. إن شاء الله تعالي.

فصل:

وقد طعن قوم من الملحدين في القرآن؛ لاختلاف القراءات، واختلف أهل العلم في قول(1) الرسول عليه السلام: "أنزل القرآن على سبعة أحرف؛ كلها شاف كاف".

Page 170