في الاختلاف في خلق(1) القرآن وأسماء الله وصفاته يوجد في الآثار - فيمن يقول: إن القرآن مخلوق - أقاويل، فقال بعض من قال: إن ذلك لا يبلغ به إلى براءة، ولا وقوف؛ وهو في الولاية؛ وذلك أنه؛ إذا علم أنه يعني بخلقه حدوث وحيه على النبي (صلي الله عليه وسلم)، وتلاوة النبي (صلي الله عليه وسلم) على أمته، وإنزال الله له، وكتابه في اللوح المحفوظ، وما تخرج على هذا من التأويلات.
فإذا علم أنه يعني هذا - فهو مصيب، قابل للحق، وهو في الولاية، ومن قال في البراءة ممن قال إن القرآن مخلوق، هو إذا أراد به القرآن نفسه؛ لأن القرآن: علم الله، وكلامه، وكلامه علمه، فمن قال: إن علم الله، وكلامه محدث - وجبت منه البراءة.
ومن قال: بالوقوف عمن قال: إنه مخلوق؛ وذلك أنه لما اشتبه أمره؛ فلم يعلم ما أراد به في ذلك، ولا ما تأويله - أدخل الشبهة على نفسه في قوله، فوقف عنه من وقف من المسلمين، وكذلك إن لم يعلم منه ما تأويله، ولا ما مذهبه، وكانت له ولاية متقدمة جازت ولايته؛ حتى يعلم أنه يتأول تأويل الضلال ويحتمل الوقوف؛ لما أدخل على نفسه من الشبهة، وفي ظاهر الأمر أيضا يحتمل البراءة؛ حتى يتبين ما أراد بذلك من تأويل الحق.
وأما إذا تبين: فلا يجوز فيه إلا الولاية علي تأويل الحق أو البراءة على تأويل الباطل، إلا أن يعرف الحكم فيه من علم منه ذلك، فوقف عن ولايته؛ ليستتبه على الاعتقاد فيه للصواب - جاز ذلك إن شاء الله.
وقيل لمحمد بن الحسن (رحمه الله): ما قولك في القرآن؟ وفي من يقول: إنه مخلوق؟ أيخطأ؟ أم لا؟
قال في ذلك أقاويل من المسلمين؛ إلا أن الذي تأخذ به، ولا نقول: إنه مخلوق ولا غير مخلوق، ونقول: إنه كتاب الله الذي أنزله.
فمن قال: إنه مخلوق، ولم يخطئ من قال: إنه غير مخلوق- لم نخطئه، ومن خطأ من قال: إنه غير مخلوق: ألزمناه الخطأ؛ إذا قال إنه مخلوق، ويرد علم ذلك إلى الله، وهو أعلم بالصواب في كل شيء.
Page 149