كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٧٢]، فَالظَّلُومُ غَاوٍ، وَالْجَهُولُ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٧٣] (١) .
وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، [فَالضَّالُّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ] كَالنَّصَارَى، وَالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ (٢) الْغَاوِي الَّذِي يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَيَعْمَلُ بِخِلَافِهِ كَالْيَهُودِ.
وَالصِّرَاطُ [الْمُسْتَقِيمُ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ] وَالْعَمَلَ بِهِ، كَمَا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: «اللَّهُمَّ أَرِنِي الْحَقَّ حَقًّا، وَوَفِّقْنِي لِاتِّبَاعِهِ، وَأَرِنِي الْبَاطِلَ [بَاطِلًا، وَوَفِّقْنِي لِاجْتِنَابِهِ، وَلَا تَجْعَلْهُ] مُشْتَبِهًا عَلَيَّ، فَأَتَّبِعَ الْهَوَى» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ [﵂ (٣)] «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ (٤) كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ») (٥)، فَمَنْ خَرَجَ