============================================================
9 نهاج القاصدين وشفيد الصادهن فأما الظاهران: فأحدهما: غض البصر، وحفظ اللسان عما يؤذي من كلام محرم أو مكروه أو ما لا يفيد، وحراسة باقي الجوارح، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله أنه قال : "الصيام جنة، فإذا كان أحدكم يوما صائما، فلا يجهل ولا يرفث، فإن امرؤ قاتله أو شتمه، فليقل: إني صائم"(1). وقد تأول العلماء قوله: "فليقل: إني صائم" تأويلين: أحدهما: أن يقول ذلك بلسانه، والثاني: أن يقول ذلك في نفسه، فكأنه يقول: كيف أجيب وأنا صائم؟
وفي أفراد البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال : "من لم يدغ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"(2).
أخبرنا محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا علي بن محمد بن كيسان قال: أخبرنا يوسف القاضي قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدثنا عمرو بن آبي عمرو، عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي قال: لارب صائم حظه من صيامه الجوغ والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر"(3).
والثاني: أن لا يمتلى من الطعام في الليل بل يأكل بمقدار، فإنه "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن"(4)، ومتى شبع في أول الليل لم ينتفع بنفسه في باقيه، وإذا شبع وقت السحر لم ينتفع بنفسه إلى قريب من الظهر؛ لأن ذلك يورثه الكسل والفتور، ثم يفوت المقصود من الصيام؛ لأن المراد من الصائم أن يذوق طعم الجوع ويكون تاركا لما يشتهى، فإن الآدمي فوق رتبة البهائم لمكان قوته على كسر شهوته، ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه، فإن غلبته شهواته كانت (1) أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151).
(2) أخرجه البخاري (1903) و(6057).
(3) أخرجه أحمد (8856)، والدارمي (2720)، وابن ماجه (1690)، وابن خزيمة (1997)، والبيهقي في السنن 4/ 270، وأبو يعلى (6551)، والحاكم 431/1.
(4) أخرجه أحمد (17186)، والترمذي (2380)، وابن ماجه (3349)، واين حبان (5236)، والبيهقي في الشعب (5649)، والنساثي في الكبرى (6769) من حديث المقدام بن معدي گرب.
Page 190