328

Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genres

Qur’an

أما من جهة اللفظ فإنهم بنوا على أن قوله: {لا تصيبن} نعت للفتنة وليس كذلك ولا هو خبر لها أيضا؛ لأن نون التأكيد لا تدخل في النعت ولا في الخبر، وإنما تدخل عند النحاة في ستة مواضع في الأمر نحو: اضربن والنهي نحو لا تضربن، وفي المستقبل مع الأمر نحو: {لتركبن طبقا عن طبق}. وفي الاستفهام نحو: {هل يذهبن كيده ما يغيظ} وفي جواب القسم نحو: {وتالله لأكيدن أصنامكم}. وفي أما للفرق بينها وبين التخيير نحو: {فإما يذهبن}

وأما من جهة المعنى فهو أن الآية تحذير ولا معنى للتحذير إلا إذا أمكن الاحتراز مما حذر منه، وإذا كانت الفتنة تصيب الظالم وغيره والمتقي وغيره كان الأمر بالإبقاء لا معنى له؛ لأنه يكون التقدير: اتقوا فتنة تصيبكم سواء اتقيتم أم لا.

وأما من جهة العقل فهو ما تقدم، وكذلك من جهة الكتاب والسنة، وقد قال تعالى: {قل أرأيتكم إن آتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون}.

إذا ثبت هذا فالمعنى على ما قاله بعض النحاة أنها جزاء فيه طرف من النهي أو القسم كما يقول: انزل من الدابة لا نطرحنك ولا يطرحك، فهو جواب /220/ الأمر بلفظ النهي، أي انزل فإن تنزل لا يطرحنك وعلى مثل هذا حمل قوله تعالى: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده} ويجوز أن يكون الكلام متضمنا معنى كي، أي اتقوا فتنة كي لا تصيبن الذين ظلموا وادخلوا مساكنكم كي لا يحطمنكم، فتكون الآية دليلا لنا عليهم.

ومنها قوله: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} فوبخها بذنب غيرها.

والجواب: لا تعلق بظاهرها؛ لأن أصل السؤال للإستفهام وهو مستحيل في حقه تعالى؛ ولأن الظاهر يقتضي أن لها ذنبا، والمعنى أنه تعالى وبخ الظالم لها ووجه السؤال إلى المظلوم للقطع على أنه ليس له جرم ومبالغة في تأنيب الظالم، كما يقول العرب للمظلوم: لماذا ضربك زيد ولأي جرم شتمك إذا كانوا لا يعرفون له ذنبا، أي لا ذنب لك يقتضي ما فعل بك.

Page 334