Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
واعلم أن أصحابنا ألزموهم هذا الإلزام من حيث العبارة، فأما من جهة المعنى والقوم يلتزمونه إلا أنهم يدعون أنهم لا يكونون مظلمين إلا بإطلاق العبارة وأصحابنا يلزمونهم التظليم باعتقاد المعنى؛ لأنه المعتبر في ذلك بدليل أن معتقدا لو اعتقد أن مع الله ثانيا لم ينجه من التثنية الامتناع من إطلاق العبارة.
يوضحهه أن بعض العجم لو ظن أن لفظ الظالم موضوع للعادل ثم دعا الله به فقال يا ظالم اغفر لي لما كان عليه حرج في إطلاق العبارة لما لم يعتقد معناها، وكذلك لو تواضع أهل إقليم على أن يجعلوا لفظ الظالم اسما للعادل والعكس لصح ذلك؛ لأن العمدة على المعاني دون العبارات.
إلزام يقال لهم ألستم تحبون أن تحمدوا على الإيمان وفعل الطاعات فلا بد من بلى فيقال إن الله تعالى يقول: {ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}.
ويقال: أليس الله خلق الكفر في الكافر وأمره بالإيمان، فكأن الله أمره بتغيير ما خلق وعاقبه لأجل أنه وقع ما خلق ولم لا يغبر خلقه.
ويقال لهم: إذا كان الله نفى عن نفسه الظلم والكذب وعندكم أنه لم يدخل شيء من ذلك في الوجود إلا وهو فاعله فأي شيء نفى عن نفسه أمعقول فكيف كان يكون حاله وهل يريد على ما قد أثبتموه أو غير معقول فأي مدح في نفيه وكيف يخاطب بما لا يعقل، وأي معنى لقوله {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}، وما معنى قوله: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة، فلا يظلم نفس شيئا، ونحو ذلك.
ويقال: أليس بعث الله الرسل إلى الكفار ليتركوا الكفر فلا بد من بلى فيقال فكأنه بعثهم لتغيير خلقه ولتجهيله وليقع خلاف ما أراد.
Page 294