Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
القول في أن الله واحد لا ثاني له
الواحد يستعمل في معان، فقد يراد به واحد العدد وهذا مستحيل في حقه تعالى، لاقتضائه التناهي والتحديد، وقد يراد به ما لا يقبل التجزي والانقسام أما من كل وجه وهذا المعنى جائز في حقه تعالى، ويكون مدحا بانضمامه إلى كونه حيا خلافا لعباد، وأما من بعض الوجوه كالإنسان الواحد والدار الواحد، فإنه لا يقبل التجزي من حيث الإنسانية الدارية وأن قبله من جهة أخرى، وهذا المعنى مستحيل في حقه تعالى، وقد يراد به المختص بصفات الكمال أو بعضها على حد يقل المشارك له كما يقال فلان وحيد عصره، وقد يراد به واحد القدم والإلهية المستحق للعبادة وهو المنفرد بصفات الكمال على حد يستحيل أن يشاركه فيها مشارك على الوجه الذي استحقها عليه وهو المقصود.
فصل
ذهب المسلمون /163/ إلى أن الله تعالى واحد، وخالفت الثنوية والصائون والنصارى والذام المجبرة، أما الثنوية فاتفقوا على النور والظلمة، وأن كل خير فهو النور بطبعه، وأن كل شر فهو من الظلمة بطبعها، وأن كل واحد منهما لا يقدر على خلاف ما يصدر عنه، وأن العالم ممتزج منهما وأنهما غير متناهين إلا من جهة التلاقي، ثم اختلفوا فقالت المانوية قديمان قادران عالمان مدركان، وقالت الديصانية بذلك في النور فقط، فأما الظلمة فعاجزة جاهلة موات، وقالت المردكية النور يفعل بالقصد والظلمة بالخبط وأثبتت المرفثونية بالثاء امتزج العالم منه، ومن الظلمة قالوا فلما رأى النور تعدى الظلمة على هذا المتوسط بعث إلى هذا العالم الممتزج روحا، وهو ابنه عيسى ومرقيون هذا لحق بعض أصحاب عيسى عليه السلام، وأخذ عنه وسمت المجوس النور يزدان والظلمة أهرمن، وقال بعض هؤلاء: بحدوث أهرمن قيل من عفونه كانت قديمة، وقيل من فكرة يزدان الردية، وقيل من شكه، وزعموا أن عند حدوث هذا الثاني حصل بينهما حرب، ثم اصطلحا على شروط ستنقضي ويغلب بردان.
Page 246