213

Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genres

Qur’an

وأما أن الموانع مرتفعة فلأن الموانع المعقولة هي القرب والبعد المفرطان والرقة واللطافة وانحجاب /144/ الكشف وعدم الضياء المناسب للعين، وكون المرئي في غير جهة الرأي، وكون محله في بعض هذه الأوصاف وكل هذه الموانع مرتفعة في حقه تعالى؛ لأنها إنما تمنع من رؤية الأجسام والألوان، وقد قدمنا ما يلزم من تجويز مانع سواها، وأما أنه تعالى موجود فقد تقدم. وأما أن هذه الشرائط التي معها ترى المرئيات فلأنه قد حصل المقتضى، وهو كون أحدنا حيا، وشرط الاقتضاء، وهو صحة الحاسة وزوال المانع ووجود المدرك، فيجب حصول المقتضى، وهو كون أحدنا مدركا له تعالى وبهذه الطريقة، نعلم أنه تعالى مدرك المدركات فلو جوزنا أن لا يدرك أحدنا مع حصولها لجوزنا مثله في الباري تعالى.

وقد اعترض الرازي على هذا الدليل بوجوه: الأول أن قال: أنا نرى الكبير صغيرا مع البعد، فإنا كنا رأيناه كله، وجب أن نراه كبيرا وإن كنا رأينا بعضه بطل قولكم أن هذه الشرائط التي معها يرى المرئيات، وأجاب أصحابنا بأن الشعاع المنفصل ضوء يرى الشكل بمثابة المثلث فما بعد الشيء استدقت زاوية الشعاع، فيقع على بعضه إذا كان كبيرا.

واعترضه الفقيه قاسم في تعليق شرح الأصول بوجهين:

أحدهما أن إيصال الشعاع بالمرئي ليس بشرط عند المحصلين وإنما شرطه أن يتصل بما هو كالآلة من أجزاء الهوى. ويمكن الجواب بأن الذي يتصل به الشعاع من أجزاء الهوى لا بد أن يكون مستدقا على هيئة استدقاق الشعاع لولا ذلك للزم إذا انفصل الشعاع إلى بعض أجزاء الهوى أن يرى أحدنا ما خلفه وعن يمينه ويساره لاتصال بعض أجزاء الهوى ببعض وضرورة الجميع في حكم الآلة.

الثاني: أنه كان يلزم إذا وقع الشعاع على بعضه أن نميزه فنعلم هل هو طرف أو وسط، ويمكن الجواب بأن للتعد تأثيرا في عدم التمييز، ألا ترى أنا ندرك الجسم المتلون ولونه، ولا نفصل ونميز اللون هل هو سواد أو غيره إلا مع القرب.

Page 217