206

Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genres

Qur’an

واعلم أن هذه الأدلة إنما توجه إلى من يثبت له الجسمية حقيقة، فأما من يخالف في العبارة /139/ فالمرجع في إبطال كلامه إلى الوضع وقد وجدنا أهل اللغة لا يستعملون الجسم إلا في ما كان طويلا عريضا عميقا، ولو سلمنا استعماله في غيره لمعنا إطلاقه على الله تعالى لإيهامه الخطأ وليس إذا صح أن يقول شيء لا كالأشياء صح أن يقول جسم لا كالأجسام لاختلاف الفائدة كما تقدم.

فصل

في شبهة المجسمة.

أما من جهة العقل فهو أنه قادر عالم، والقادر العالم لا يكون إلا جسما دليله الشاهد، والجواب هذا اعتماد على مجرد الوجود ولا جامع بين الموضعين، ثم نعارضهم فنقول: القادر العالم في الشاهد يجوز عليه أضداد مجرد هذه الصفات وزوالها، ولا يفعل إلا مباشرا أو متعديا، فيلزم مثله في الغائب.

والتحقيق: أن القادر العالم في الشاهد إنما وجب أن يكون جسما لأنه قادر بقدرة وعالم بعلم وهي تحتاج إلى محل فكان جسما، والباري تعالى يستحقها لذاته، ولما هو عليه في ذاته فافترقا.

شبهة: قالوا: إثبات موجود ليس بجسم ولا عرض لا يعقل.

والجواب: إن معنى قولهم لا يعقل أنه لم يوجد له نظير، وهذا لا يمنع من إثباته إذا قام عليه دليل كما أنهم قد أثبتوه قديما وقادرا على الأجسام، ويستحيل عليه الموت. وكل هذا لا نظير له.

شبهة: قال ابن الحكم ليس في المعلومات إلا حاضر أو غائب، ولا بد من الاستدلال بالحاضر على الغائب، فأما أن يسوى بينهما في كل وجه وذلك باطل؛ لأنه يقتضي حدوث الباري تعالى، وإما أن يفرق بينهما في كل وجه، وذلك يقتضي أن لا يكون الله تعالى عالما قادرا، فلم يبق إلا أن يسوي بينهما في وجه دون وجه، وليس إلا كونه جسما؛ لأنه فاعل قادر عالم، ولا يعقل هذه الصفات إلا للجسم فبقي الجسمية تقتضي نفيها.

Page 210