177

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

قيل له: إن أردت أن العالمية غير /120/ العالمية فلا نسلمه، وإن أردت أن التعلق غير التعلق فهو محل النزاع، فلم منعت منه؟ وقد أجاب جمهور الشيوخ عن أصل الشبهة بأن العلم بأن الشيء سيوجد علم بوجوده إذا وجد وخالفهم أبو الحسين، فقال هما علمان.

واستدل الجمهور بأنا إذا علمنا أن الشمس ستطلع غدا ثم قدرنا بقاء هذا العلم حتى طلعت لم يكن بد من أن يتعلق؛ لأن في خلاف ذلك انقلاب جنسه، فإما أن يتعلق بأنها ستطلع وهو محال؛ لأنها قد طلعت، وإما أن تتعلق بطلوعها، وهو المطلوب، وهذا الدليل لا يستقيم في علم الشاهد؛ لأن عند الجمهور أن العلوم لا تبقى، وإذا كان كذلك لم يكن بد من أن يكون العلم بوجوده غير العلم بأنه سيوجد؛ لأن العلم بأنه سيوجد قد عدم في تأتي وجوده، فأما في عالمية الباري تعالى فالدليل قوي، لكنه لا بد من أن يبنى على تجدد التعلق.

واستدلوا أيضا بأنهما لو كانا علمين لكانا متولدين عن نظر واحد حيث يكونان نظريين ولجاز أن يجهل وجوده مع العلم أنه سيوجد. ويمكن اعتراضه بأن للخصم أن يجعلهما نظريين، ويلتزم جواز الجهل بوجوده مع العلم بأنه سيوجد، ولهذا لو أخبرنا نبي صادق بأن زيدا سيموت إذا ظهر على نبي معجز، فإنا من يأتي حال الخبر يشك في هل مات زيدا أم لا مع أنا لا نشك في أنه سيموت، فإذا نظرنا فعلمنا أن الله أظهر معجزا على هذا المدعي للنبوة علمنا وقوع الموت بعلم ثان، كما إذا نظرنا في أن الفعل ظلم علمنا قبحه بعلم ثان.

حجة أبي الحسين أن العلم بأن الشمس ستطلع لو كان علما بطلوعها لعلمنا ذلك، وإن كنا في بيت مظلم.

ويمكن الجواب بأنا إنما لم نعلم طلوعها والحال هذه؛ لأنه لم يتجدد لعلمنا تعلق بطلوعها، ونحن قد بينا أنه لا بد أن يتجدد تعلق لهذا العلم حال وجود المعلوم، ومتى قيل فهل يجوز ان يكون تعلق العلم بأنها ستطلع باقيا حال طلوعها.

Page 181