Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
وأما أن القادر العالم له تعلق بمقدوره ومعلومه فلأن معنى /100/ ذلك أنه يصح منه إيجاده مع سلامة الحال أو إيجاده محكما تحقيقا أو تقديرا، والأول حاصل لكل قادر، والثاني حاصل لكل عالم، وأ/ا أن العدم يحيل التعلق فلأنا وجدنا معاني متعلقة كالإرادة وغيرها، ووجدنا تعلقها يزول إذا عدمت، ولا علة لزواله إلا عدمها، فلو كان تعالى معدوما لزال تعلقه، فيبطل كونه قادرا عالما، ويريد بتعلق الإرادة صحة إيقاع المراد بها على وجه دون وجه، وإيجابها الصفة للمريد.
ويدل على أنها إذا عدمت زال تعلقها أنها لو تعلقت بعد العدم لما انفصل وجودها من عدمها، ولجاز أن يكون أحدنا مريدا للشيء كارها له في حالة واحدة بإرادة وكراهة معدومتين، وأيضا فلو نفى تعلقها بعد العدم لكانت إما أن تتعلق بما تعلقت به من قبل وهو باطل لأنه ما من مراد إلا ويجوز نقيضه وتعلقها بالمقتضى محال، وأما أن تتعلق بغيره وهو باطل؛ لأن فيه اتصافها بصفة مخالفها من حيث يجوز أن يكون قد تعلق بذلك الغير إرادة أخرى حال تعلق هذه بالمراد الأول، فيكونان مختلفين، فمتى تعلقت هذه بما تعلقت به مخالفتها صارت بصفة مخالفها، وأيضا فأحدنا يخرج عن كونه مريدا وعالما حال النوم، ويدل على أن علة زوال تعلقها عدمها أن العلم بزوال التعلق يدور مع العلم بالعدم ثبوتا وانتفاء، وليس هناك ما هو أولى من العدم بأن يجعل علة في زوال التعلق، والذي يشتبه أن يقال أن العلة في زوال تعلقها تقضى مرادها أو خروجها عن الصفة المقتضاة او عن أن توجب صفة للمريد، والأول باطل، وإلا وجب أن يتعلق حال عدمها إذا لم ينقض المراد والثاني والثالث باطلان؛ لأن خروجها عن الأمرين كزوال تعلقها فليس البعض بأن تعلل بالبعض أولى من العكس، ولأن ذلك تابع لعدمها، فالعدم بأن يكون علة أولى، ولا يقال هذا تعليل نفي ينفي؛ لأن ذلك جائز إذا كانت العلل كاشفة، ولهذا تعلل انتفاء صحة الفعل بانتفاء القادرية.
Page 152