184

Al-Minhāj fī shuʿab al-īmān

المنهاج في شعب الإيمان

Editor

حلمي محمد فودة

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م

Genres

ومنها الصانع: ومعناه المركب والمهيئ، قال الله ﷿: ﴿صنع الله الذي أتقن كل شيء﴾ وقد يكون الصانع الفاعل، ويدخل فيه الاختراع والتركيب معا.
ومنها الفاطر: ومعناه فاتق المرتتق من السماء والأرض. قال الله ﷿: ﴿أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما﴾ قد يكون المعنى كانت السماء دخانا فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، وكانت الأرض غير مدحوة فدحاها، وأخرج منها ماءها ومرعاها، ألم يعلموا وقد يكون المعنى ما روي عن بعض الآثار: فتقنا السماء بالمطر والأرض بالنبات. وقال ابن عباس ﵁: كنت لا أدري ما معنى فاطر حتى سمعت إعرابيين يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي حفرتها وسففت عن الماء فيه فنبع وظهر، والاعتراف بالإبداع يقتضي هذا المعنى ويأتي عليه.
ومنها المقتدر: قال الله ﷿: ﴿فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر﴾، وهو المظهر قدرته بفعل ما يقدر عليا، وقد كان ذلك من الله تعالى فيما أمضاه وإن كان يقدر على أشياء كثيرة لم يفعلها ولو شاء لفعلها، فاستحق بذلك أن يسمى مقتدرا.
ومنها الملك والمليك في معناه. قال ﷿: ﴿فتعالى الله الملك الحق﴾. وقال: ﴿عند مليك مقتدر﴾ وذلك مما يقتضيه الإبداع هو المخترع للشيء من العدم إلى الوجود، فلا يتوهم أن يكون أحد أحق بما أبدع منه، ولا أولى بالتصرف فيه منه، وهذا هو الملك.
وأما المليك فهو استحقاق السياسة وذلك فيما بيننا قد يصغر ويكبر بحسب قدر المسوس وقدر السائس في نفسه ومعانيه. وأما ملك الباري عز اسمه: فهو الذي لا يتوهم ملك يدانيه فضلا على أن يفوته، لأنه إنما استحقه بإبداعه مما يسوسه، وإيجاده إياه بعد أن لم يكن، ولا يخش أن ينزع منه، أو يدفع عنه فهو الملك حقا وملك من سواه مجاز.

1 / 194