Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition
الثانية
Publication Year
١٣٩٢
Publisher Location
بيروت
فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) أَمَّا الْكَرَائِمُ فَجَمْعُ كَرِيمَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هِيَ جَامِعَةُ الْكَمَالِ الْمُمْكِنِ فِي حَقِّهَا مِنْ غَزَارَةِ لَبَنٍ وَجَمَالِ صُورَةٍ أَوْ كَثْرَةِ لَحْمٍ أَوْ صُوفٍ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ فَإِيَّاكَ وكرائم بالواو في قوله وكرائم قال بن قُتَيْبَةَ وَلَا يَجُوزُ إِيَّاكَ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ بِحَذْفِهَا وَمَعْنَى لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ أَيْ أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ لَا تُرَدُّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ بِقَلِيلٍ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْوِتْرِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الْكُفَّارَ يُدْعَوْنَ إِلَى التَّوْحِيدِ قَبْلَ الْقِتَالِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تَجِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِيهِ بَيَانُ عِظَمِ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَأَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي أَنْ يَعِظَ وُلَاتَهُ وَيَأْمُرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُبَالِغَ فِي نَهْيِهِمْ عَنِ الظُّلْمِ وَيُعَرِّفَهُمْ قُبْحَ عَاقِبَتِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى السَّاعِي أَخْذَ كَرَائِمِ الْمَالِ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ بَلْ يَأْخُذُ الْوَسَطَ وَيَحْرُمُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إِخْرَاجُ شَرِّ الْمَالِ وَفِيهِ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُدْفَعُ إِلَى كَافِرٍ وَلَا تُدْفَعُ أَيْضًا إِلَى غَنِيٍّ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ ﷺ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي فُقَرَائِهِمْ مُحْتَمِلٌ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِفُقَرَاءِ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَالنَّاحِيَةِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ
1 / 197