Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition
الثانية
Publication Year
١٣٩٢
Publisher Location
بيروت
لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ فِي السَّرِيَّةِ الْغَازِيَةِ وَفِي هَذَا تَفْصِيلٌ وَفُرُوعٌ سَنُنَبِّهُ عَلَيْهَا فِي بَابِهَا إِنْ وَصَلْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُقَالُ خُمُسٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَالسُّدُسُ وَالسُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالتُّسُعُ وَالْعُشُرُ بِضَمِّ ثَانِيهَا وَيُسَكَّنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ وأنها كم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَفِي رِوَايَةٍ الْمُزَفَّتِ بَدَلَ الْمُقَيَّرِ فَنَضْبِطُهُ ثُمَّ نَتَكَلَّمُ عَلَى مَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَالدُّبَّاءُ بِضَمِّ الدَّالِ وَبِالْمَدِّ وَهُوَ الْقَرْعُ الْيَابِسُ أَيِ الْوِعَاءُ مِنْهُ وَأَمَّا الْحَنْتَمُ فَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ الْوَاحِدَةُ حَنْتَمَةُ وَأَمَّا النَّقِيرُ فَبِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْقَافِ وَأَمَّا الْمُقَيَّرُ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَالْيَاءِ فَأَمَّا الدُّبَّاءُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا الْحَنْتَمُ فَاخْتُلِفَ فِيهَا فَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا أَنَّهَا جِرَارٌ خُضْرٌ وَهَذَا التَّفْسِيرُ ثَابِتٌ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الصَّحَابِيُّ ﵁ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَوْ كَثِيرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالثَّانِي أَنَّهَا الْجِرَارُ كُلُّهَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو سَلَمَةَ وَالثَّالِثُ أَنَّهَا جِرَارٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ مُقَيَّرَاتُ الْأَجْوَافِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك رضى الله عنه ونحوه عن بن أَبِي لَيْلَى وَزَادَ أَنَّهَا حُمْرٌ وَالرَّابِعُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ جِرَارٌ حُمْرٌ أَعْنَاقُهَا فِي جُنُوبِهَا يُجْلَبُ فِيهَا الْخَمْرُ مِنْ مِصْرَ والخامس عن بن أَبِي لَيْلَى أَيْضًا أَفْوَاهُهَا فِي جُنُوبِهَا يُجْلَبُ فِيهَا الْخَمْرُ مِنَ الطَّائِفِ وَكَانَ نَاسٌ يَنْتَبِذُونَ فِيهَا يُضَاهُونَ بِهِ الْخَمْرَ وَالسَّادِسُ عَنْ عَطَاءٍ جِرَارٌ كَانَتْ تُعْمَلُ مِنْ طِينٍ وَشَعْرٍ وَدَمٍ وَأَمَّا النَّقِيرُ فَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ جِذْعٌ يُنْقَرُ وَسَطُهُ وَأَمَّا الْمُقَيَّرُ فَهُوَ الْمُزَفَّتُ وَهُوَ الْمَطْلِيُّ بِالْقَارِ وَهُوَ الزِّفْتُ وَقِيلَ الزِّفْتُ نَوْعٌ مِنَ الْقَارِ وَالصَّحِيحُ الاول فقد صح عن بن عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَالَ الْمُزَفَّتُ هُوَ الْمُقَيَّرُ وَأَمَّا مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ فَهُوَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الِانْتِبَاذِ فِيهَا وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ فِي الْمَاءِ حَبَّاتٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِيَحْلُوَ وَيُشْرَبَ وَإِنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ بِالنَّهْيِ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الاسكار فيها فيصير حراما نجسا وتبطل مَالِيَّتُهُ فَنَهَى عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْلَافِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا شَرِبَهُ بَعْدَ إِسْكَارِهِ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ بَلْ أَذِنَ فِيهَا لِأَنَّهَا لِرِقَّتِهَا لَا يَخْفَى فِيهَا الْمُسْكِرُ بَلْ إِذَا صَارَ مُسْكِرًا شَقَّهَا غَالِبًا ثُمَّ إِنَّ هَذَا النَّهْيَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ إِلَّا فِي الْأَسْقِيَةِ فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ
1 / 185