Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٩٢
Publisher Location
بيروت
مُخْتَصَرُهُ أَنَّ الْمُعَنْعَنَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ إِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي مَعَ احْتِمَالِ الْإِرْسَالِ وَكَذَا إِذَا أَمْكَنَ التَّلَاقِي وَهَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ قَدْ أَنْكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالُوا هَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ وَالَّذِي رَدَّهُ هو المختار الصحيح الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الْفَنِّ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ زَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا فَاشْتَرَطَ الْقَابِسِيُّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا وَزَادَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فَاشْتَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ بَيْنَهُمَا وزاد أبوعمرو الدانى المقرئ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَتَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ وَدَلِيلُ هَذَا الْمَذْهَبِ المختار الذى ذهب إليه بن الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ وَمُوَافِقُوهُمَا أَنَّ الْمُعَنْعَنَ عِنْدَ ثُبُوتِ التَّلَاقِي إِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الِاتِّصَالِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ ثُمَّ الِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ عَادَتَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا سَمِعُوهُ إِلَّا الْمُدَلِّسَ وَلِهَذَا رَدَدْنَا رِوَايَةَ الْمُدَلِّسِ فَإِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الِاتِّصَالُ وَالْبَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فَاكْتَفَيْنَا بِهِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِيمَا إِذَا أَمْكَنَ التَّلَاقِي وَلَمْ يَثْبُتْ فَإِنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الِاتِّصَالُ فَلَا يَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَيَصِيرُ كَالْمَجْهُولِ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ مَرْدُودَةٌ لَا لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ بَلْ لِلشَّكِّ فِي حَالِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا حُكْمُ الْمُعَنْعَنِ مِنْ غَيْرِ الْمُدَلِّسِ وَأَمَّا الْمُدَلِّسُ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهِ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ أَنَّ الْمُعَنْعَنَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ بِشَرْطِهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِالْمُعَنْعَنِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَدَلِيلُهُمْ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ حُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَعَ الِاسْتِقْرَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا حُكْمُ الْمُعَنْعَنِ أَمَّا إِذَا قَالَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا قَالَ كَقَوْلِهِ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَذَا أَوْ حَدَّثَ بِكَذَا أَوْ نَحْوَهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ أَنَّ كَعَنْ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاتِّصَالِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ البرديجى لَا تُحْمَلُ أَنَّ عَلَى الِاتِّصَالِ وَإِنْ كَانَتْ عَنْ لِلِاتِّصَالِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَكَذَا قَالَ وَحَدَّثَ وَذَكَرَ وَشِبْهُهَا فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ وَالسَّمَاعِ قَوْلُهُ (لَوْ ضَرَبْنَا عَنْ حِكَايَتِهِ) كَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ضَرَبْنَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَتْ لغة قليلة
1 / 128