115

Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim

شرح النووي على صحيح مسلم

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٩٢

Publisher Location

بيروت

قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا عَوَانَةَ قَالَ مَا بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ حَدِيثٌ إِلَّا أَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَرَأَهُ عَلَيَّ) أَمَّا أَبُو عَوَانَةَ فَاسْمُهُ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَانٌ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ وَالصَّرْفُ أَجْوَدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبَانٍ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بِكُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ (إِنَّ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ فِي الْمَنَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبَانٍ فَمَا عَرَفَ مِنْهُ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ﵀ هَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانٍ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ وَلَا أَنَّهُ تَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ ﷺ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مغفلا ولا سىء الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَنَامٍ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ أَمَّا إِذَا رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الدَّارِمِيُّ

1 / 115