============================================================
ثم ترى الذي يزعم أنه راغب في العبادة يحث أن يحصل منها شيئا : لو أحتاج أحدهم في تحصيل مثل هذذه العبادة الصافية إلى نقصان لقمة من عشائهم، أو ترك كلمة لا تعنيهم ، أو دفع نوم ساعة عن أعينهم.. فلا تسمخ أنفسهم بذلك، ولا تطيب قلوبآهم، وإن أتفق لهم في النادر حصول عبادة في صفوة.. فلا يعدونه خطير أمر، ولا يقدمون فيه كثير شكر، إنما يعظم سرورهم، ويكثو بالظاهر حمدهم إذا حصل لهم درهم، أو آستقامت لهم كسرة، أو طابت لهم مرقة ، أو طالت لهم في سلامة البدن رقدة، فيقولون عند ذلك : الحمد لله، هلذا من فضل الله ، فأنى يساوى هؤلاء الغافلون العاجزون مع أولئك الشعداء المجدين المجتهدين 4! ولذلك صار هؤلاء المساكين عن هلذا الخير محرومين، وأولئك المؤيدون به ظافرين فائزين، وكذلك قسم الأمر أحكم الحاكمين سبحانه، وهو أعلم العالمين ، فهاذا تفصيل قوله تعالى : أليس الله يأعلم بالشككرين فتفهم وراعه حقه، وأعلم أنك لم تحرم قط خيرا أنت تتمناه إلأ من قبل نفسك، فابذك مجهودك لتعرف قدر نعمة الله تعالى، وتعظمها حق تعظيمها، فتكون أهلا لها ولإعطائها، ثم يمن عليك بابقائها، كما من عليك بابتدائها، على ما نذكره في الأصل الثاني ، إنه هو الرؤوف الرحيم.
الأصل الثاني : أن النعمة إنما تسلب ممن لا يعرف قدرها ، والذي لا يعرف قدرها الكفور الذي كفرها، ولا يؤدي شكرها : ودليل ذلك : قوله تعالى : وأتل عليهم نبا الذى ماتينله *ايثنا فأنسلخ منها فاتآبعه الشيطنن قكان من الغاورب * ولو شثنا لرفعنله بها الآية.
تقدير الكلام : أنا أنعمنا على هلذا العبد بالنعم العظام ، والأيادي الجسام في باب الدين؛ بما مكناه بذلك من تحصيل الؤتبة الكبيرة ، والمنزلة الرفيعة على بابنا، فيصير رفيعا عندنا، عظيم القدر، كبير الجاه، وللكنه جهل قدر نعمتنا، فمال إلى الدنيا الخسيسة الحقيرة ، وآثر شهوة نفسه الدنيئة الرديئة، ولم يعلم أن الدنيا كلها لا تزن عند الله أدنى نعمة من نعم الدين ، ولا تساوي عنده جناح 223
Page 263