209

Minhag al-ʿabidin

منهاج العابدين

Genres

============================================================

أستقبلئك في هلذه الطريق؛ إذ إليها تنتهي ثمرة كل ما مضى من العقبات ، فإن سلمت.. غنمت وربحت، وإن كانت الأخرى.. فقد ضاع الشعي كله، وخاب الأمل، وبطل العمر.

ثم الشأن كله : أنه قد أجتمع في هلذه العقبة هلهنا ثلاثة أمور : الأول : أن الأمر دقيق جدا، والغبن شديذك، والخطر عظيم.

أما دقة الأمر : فإن مجاري الرياء والعجب في الأعمال دقيقة خفية بالغاية، فلا يكاد يتنبه لذلك إلأ كل نحرير في أمر الدين ، بصير يقظان القلب متحرز ، وأنى يطلع عليه الجاهل اللعوب، والغافل النؤوم ؟!

ولقد سمعث بعض علمائنا رحمهم الله بنيسابور يحكي أن عطاء السليمي (1) رحمه الله تسج ثوبا فأحكمه وحسنه جذا ، ثم حمله إلى الشوق فعرضه فاسترخصه البزاز وقال : إن فيه عيوبا كيت وكيت، فأخذه عطاءآ وجلس يبكي بكاء شديدا ، فندم الرجل على ذلك ، وجعل يعتذر إليه ، ويبذل له في ثمنه ما يريذ، فقال له عطاءآ : ليس ذلك ما تظن، إنما أنا عامل في هلذه الصناعة ، وقد أجتهدت في احكام هلذا الثوب واصلاحه وتحسينه حتى لا يوجد به عيث، فلما غرض على البصير بعيويه.. أظهر فيه عيوبا كنث عنها غافلا، فكيف أعمالنا هلذه إذا عرضت غدا على الله الخبير البصير، كم يبدو فيها من العيوب والنقصان الذي نحن اليوم عنه غافلون ؟1 وعن بعض الصالحين قال : كنت ليلة في وقت السحر في غرفة لي شارعة أقرأ (سورة طه) ، فلما أن ختمثها.. غفوت غفوة، فرأيت شخصا نزل من السماء بيده صحيفة، فنشرها بين يدي ، فإذا فيها (سورة طه)، وإذا تحت كل كلمة عشر حسنات مثبتة إلآ كلمة واحدة، فإني رأيت مكانها محوا ولم أر تحتها

Page 243