Manhaj al-ṭālibīn wa-balāgh al-rāghibīn
منهج الطالبين وبلاغ الراغبين
Genres
وقيل: مر على بن أبي طالب على لحام، وهو يقول: لا والذي احتجب بسبع سموات، فقال له على: ومن المحتجب بسبع سموات؟ فقال اللحام: رب العالمين، فقال على: أخطأت ثكلتك أمك؛ إن رب العالمين ليس بينه وبين خلقه حجاب، لأنه معهم أينما كانوا، فقال: يا أمير المؤمنين، وما كفارة ما قلت؟ فقال له: كفارته: أن تعلم أنه معك، أينما كنت. والدليل على معرفة الله، وتوحيده، ونفي التشبيه عنه، وعلى أنه لا يسع جهل معرفة الله، وتوحيده، ونفي التشبيه عنه قول اله تعالي: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون "، وقوله: " أفي الله شك فاطر السموات والأرض "، وقوله: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "، وقوله: "فآمنوا بالله، ورسوله، والكتاب الذي أنزل على رسوله"؛ فلا يسع أحدا من المحجوبين إنكار الله، ولا الشك فيه، وأشباه ذلك.
ومن كلام محمد بن محبوب (رحمه الله ): إن الله واحد لم يزل، ولا يزال إلى غير غاية، ولا نهاية، وأنه صانع الأشياء، وفاطرها، ومنشئها كما شاء، فهو الإله، والخلق به مألوهن ، وليس له شريك في صنعه، ولا ضد له في ملكه، ولا شبه، ولا ند، ولا صاحبة، ولا ولد، وأنه محيط بالأشياء، وناظر إليها، ومطلع عليها، ولا يحيط به أقطارها، ولا يدركه أبصارها في الدنيا والآخرة، وليس هو إلى شيء أقرب منه إلى شيء.
لا يستعين بساطع الضياء على الإحاطة بالأشياء، ولا يحجبه ظلم الدجي عن درك ما فوق السماء، وما تحت الثرى، يدرك الأصوات وإن كثرت بلا إصغاء منه إليها، ولا استماع منه لها، ويري الأشياء بلا لحظ منه لها، وإلجاج منه إليها، سبحانه عن ذلك، وعن أن يقع عليه التوهم، وأن يدركه التوهم بصفة، إلا كما وصف نفسه في كتابه، لا يجاوز ذلك، ولا يعدوه بتحديد، ولا تبعيض، ولا تقدير ولا تصوير.
Page 259