Minhaj al-Talibin wa Bulugh al-Raghibin
منهج الطالبين وبلاغ الراغبين
Genres
قال: وذلك: كإفلاس من يصح نكره، ويتوجه إلى القبلة، ويقول: " وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا "، وهو أول الكذب، يفاتح الله به كل يوم، وإن لم يكن وجهه قبلته متوجها إلى الله عز وجل. وعلى الخصوص؛ فإنه أراد بالوجه وجه ظاهر بدنه، فما وجهه إلا الكعبة، وما صرفه إلا عن سائر الجهات.
والكعبة ليست جهة للذي فطر السموات والأرض، حتى يكون المتوجه إليها متوجها إلى الله عز وجل، تعالي أن تحده الجهات، والأقطار.
وإن أراد به وجه القلب، وهو المطلوب المتعبد منه، فكيف يصدق قول من قلبه متردد بين أوطاره، وحاجاته الدنيوية؛ ومتوجه بالكلية إليها؟ فمتي وجه وجهه للذي فطر السموات، والأرض حنيفا؟
وهذه الكلمة خير عن حقيقة التوحيد، فالموحد الحقيقي هو الذي لا يري إلا الواحد الخالق، ولا يوجه وجهه إلا إليه، وهو امتثال لقوله تعالي: (قل الله ثم ذرها في خوضهم يلعبون)، وليس المراد به القول باللسان؛ وإنما اللسان ترجمان: يصدق مرة، ويكذب مرة أخرى، وإنما موقع نظر الله تعالي المترجم عنه، وهو القلب؛ فهو معدن التوحيد، ومقره. وفي كتاب بيان الشرع:
Page 254