384

============================================================

كان، فإذا صار الحرث كما كان فيرجع ويأخذ كل واحد منهما ملكه وماله، وهذا كان في شريعتهم.

وأما في شريعتنا فلا ضمان عند آبي حنيفة رحمه الله وأصحابه سواء كان بالليل أو بالنهار، إلأ أن يكون مع البهيمة سائق أو قائد. وعند الشافعي رحمه الله يجب ضمان المتلف بالليل إذ المعتاد ضبط الدواب وكان حكم داود وسليمان عليهما السلام بالاجتهاد دون الوحي، وإلأ لما جاز لسليمان عليه السلام خلافه ولا لداود عليه السلام الرجوع عنه، ولو كان كل من الاجتهادين حقا لكان كل منهما قد أصاب الحكم وفهمه، ولم يكن لتخصيص سليمان عليه السلام بالذكر وجه؛ فإنه وإن لم ل يدل على نفي الحكم عما عداه دلالة كلية لكنه يدل عليه في هذا الموضع بمعونة المقام كما لا يخفى على من له معرفة بأفانين الكلام، وهذا مبني على جواز اجتهاد الأنبياء عليهم السلام، وتجويز وقوعهم في الخطأ، لكن بشرط أن ينبهوا حتى يتنبهوا. وقد يجاب: بأن المعنى من قوله (ففهمتها مليكن [الأنبياء: 79]، أن الفتوى والحكومة التي هي أحق وأولى بدليل قوله تعالى: (وكلاء اثينا حكما وهلما [الأنبياء: 79]، فإنه يفهم منه اصابتهما في فصل الخصومات، والعلم بأمر الدين، بدليل قول سليمان: غير هذا أوفق للفريقين وأرفق، كأنه قال: هذا حسن وغيره أحق، وفيه إيماء إلى أن ترك الأولى من الأنبياء عليه الصلاة والسلام بمنزلة الخطأ من العلماء، فإن حسنات الإبرار سيئات المقربين.

ولا يخفى أنه لا يتم على من قال باستواء الحكمين. ثم اعلم أن

Page 384