403

Minah Makkiyya

Genres

============================================================

ثم قرن بذلك ما يلائم المستعار منه ، وهو ذكر الميل والندماء: واعلم : أن هذا الموصوف بهذه المعالي الذي أطرب السامعين ذكر علاه هو النبي الأمي أغلم من أش ند عنه الرواة والخكماء (البي الأمي) نسبة إلى الأم، وهو : من لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، كأنه على أصل ولادة أمه، أو مثلها؛ إذ الغالب في النساء عدم الكتابة، وقيل: نسبة لأم القرى؛ أي: مكة، وقيل: غير ذلك، ومع كونه صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب.. أطلعه الله تعالى على علوم الأولين والاخرين، وجعله القدوة العظمى لكل مخلوق في كل علم وحلم، وحكمة وخلق حسن، وسائر أوصاف الكمال، وبوأه من الإحاطة بجميع مصالح الدنيا والدين، وقوانين سياسات العالم، ومتفرقات الشرائع ، وعوارف المعارف.. ما لم يصل لشأوه مخلوق، وهلذا مقتبس من قوله تعالى : { الذين يتبعون الرسول النبى الأمو الذى يجدونه مكثويا عندهم فى التورنة والانجيل..} الآيات.

(أعلم) الخلق جميعا حتى (من) أي : من الأنبياء والمرسلين الذين (أسند) اي: روي (عنه الرواة والحكماء) أي: العلماء الذين يضعون كل شيء في محله فهو من عطف الأخص على الأعم، ولما قدم كثيرأ من أوصافه صلى الله عليه وسلم، وأحواله وسيره ومغازيه.. انتقل بطريق لطيف إلى ذكر دار مولده وبعثته، ودار مهاجره؛ لأنهما شرفا به على سائر الأمكنة، وإلى ذكر زيارته وتأكدها، والإشارة إلى أنها من أفضل القربات وأنجح المساعي، وقد ألفت فيها كتابا حافلا لم أسبق إلى مثله، مشتملا على جميع ما يتعلق بها، وسميته: " الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم" وفيه أبلغ الرد والتضليل لمن نازع في ندبها بما يكون سببأ لسواد وجهه وتبابه (1) في الدنيا والآخرة، فقال كانيا عن منة الله تعالى عليه بإشارته أنه هيأ له أسباب تلك الزيارة من الزاد والراحلة الموصوفة بالصفات الحسنة الاتية، حتى كأتها مخاطبة (1) التباب : الخسران والهلاك

Page 403