============================================================
يقل: ما بال فلان ؟)(1) قالت عائشة : (ما رأيت منه ولا رأى مني)(2).
و مها: حياء المحبة، وهو ما يخطر بقلب المحب في غيبة محبوبه، فيهيجه إليه: ومنها: حياء العبودية، وهو ممتزج بين محبة وخوف، وغايته: شهود القلب عدم صلاح عبوديته لمعبوده فيستحي منه لا محالة.
ومنها: حياء المرء من نفسه إن رضيت بالنقص أو قنعت بالدون، حتى كأن له نفسين يستحي بإحداهما من الأخرى، وهاذا أكمل ما يكون من الحياء، وهو حياء النفوس الشريفة الرفيعة، وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : "ألحياء لا يأتي إلا بخير"، و" الحياء من الإيمان" رواهما البخاري (2)، وجعل من الإيمان مع أنه غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، فالحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلف به دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه.. فإنها تبعثه على المكتسب حتى يكاد يكون غريزيا، وهو صلى الله عليه وسلم جمع الله له النوعين، فكان في الغريزي أشد حياء من العذراء في خدرها، ومر آن عقله صلى الله عليه وسلم آوسع العقول، ولذلك اتسعت أخلاق نفسه الكريمة اتساعا لا يحد، فمن ذلك : اتساع خلقه العظيم في الحلم والعفو مع القدرة، وصبره على ما يكره، لا سيما في الشدائد، حتى إنه لا تحل البأساء منه عرى الصب ر ولا تشتخفه الشراء (ا تحل البأساء) أي: الشدة وإن أفرطت ، لا سيما في الحروب وقد استعرت نيراتها، واصطلمت عقول شجعانها(4) (منه) متعلق بما بعده من المضاف، أو المضاف إليه، أو با تحل)، (عرى الصبر) وهو: حبس النفس على ما تكره؛ (1) آخرجه آبو داوود (4755) (2) أخرجه ابن ماجه (1922) ، واحمد (63/6)، والترمذي في " الشمائل " (353) بلفظ: (ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) (3) البخاري (6117) (24) (4) الاصطلام : الاستنصال والقطع: 295
Page 229